أبو بكر الخرقي

هو أبو بكر محمد بن احمد بن ابي بشر بهاء الدين الخرقي، المعروف باسم المروزي، لا نعرف بالضبط متى ولد، ولكنه توفي في قريته (خرق) سنة 533هـ، وتعتبر قرية خرق احدى قرى مرو، وقد قضى ردحا من الزمن بنيسابور.

عمل بهاء الدين الخرقي بحوثا مثمرة في كثير من فروع المعرفة مثل الفقه والفلسفة والفلك والرياضيات والجغرافيا، ولكنه تميز واشتهر في علم الفلك.

قضى فترة طويلة في تأليفه (كتاب منتهى الادراك في تقسيم الافلاك) والذي اعتمد فيه على نظريات ابن الهيثم (354-430هـ) الفلكية المتعلقة في الكواكب مثل تركيب الافلاك وحركاتها، والتواريخ الفلكية.

لقد درس بكل عناية نتاج كل من ابن الهيثم وابي جعفر الخازن الخراساني (عاش في أواخر القرن الرابع الهجري) في علم الفلك وأوضح العويص والمستعصى منها ايضاحا لم يسبقه احد، ومن ذلك فلا نرى في مؤلفاتهما في هذا الميدان تعقيدا الان.

على الرغم من نبوغه في علم الفلك ومكانته العلمية التي وصل اليها في هذا المجال، والتي جعلته في عداد الخالدين في تاريخ علم الفلك فقد نوه في أماكن كثيرة عن استفادته العظيمة من آراء ونظريات ابن الهيثم وابي جعفر الخازن الفلكية والتي تخص الكواكب بوجه عام.

تعمق بهاء الدين الخرقي في دراسته لهيئة الأرض من حيث تقسيماتها الى مسكون وغير مسكون، كما قدم لنا في كتابه (منتهى الادراك في تقسم الافلاك) أفكار قيمة حول البحار الخمسة تدل على طول باعه في علم الجغرافية.

كما الف كتابا مختصرا لكتاب (منتهى الادراك في تقسم الافلاك) سماه (كتاب التبصرة في علم الهيئة) كان في متناول طلاب العلم ويحتوي على المعلومات الضرورية في هذا الميدان، وفيه تجنب الخرقي التفاصيل التي تتعلق في تقسم الافلاك بالأكر المجسمة.

أولى أبو بكر الخرقي السحابات والجداول الفلكية اهتماما بالغا، ويظهر ذلك من مصنفه كتاب الرسالة الشاملة في الحساب، والذي بقي من اهم المصادر لعلماء الفلك.

وخلاصة القول: كان أبو بكر الخرقي عالما منتجا ومثمرا، لما تحتوي عليه مؤلفاته من معلومات اصيلة في علم الفلك، يعترف مؤرخ العلوم المشهور جورج سارتون في كتابه (المدخل الى تاريخ العلوم- المجلد الثاني الجزء الأول) بمكانة ابي بكر الخرقي العلمية في هذا الحقل، حيث يقول: ان منتهى الادراك في تقسيم الافلاك هو احسن الكتب التي تبحث في الافلاك.

ولا يسعني في هذا لإمكان الا ان أقول: انه من المحزن ان نتاج ابي بكر الخرقي لم ينل حقه من البحث والتنقيب والدراسة، ولولا بعض مصنفاته التي ذكرها بعض المستشرقين المهتمين في تاريخ العلوم مثل سارتون، ويدمان، وبروكلمن، وسوتر، وكول وغيرهم، لما استطعت ان اعرض هذه النبذة المختصرة عن مآثر عالمنا الجليل في علم الفلك.

واحب ان اعترف للقارئ ان الإخلاص لعلماء العرب والمسلمين في العلوم عامة جعلني اعرض هذه السيرة الموجزة لابي بكر الخرقي، ولعلها تكون حافزا لبعض الباحثين من أبناء الامة العربية والإسلامية الذين يعنون بالتراث العربي والإسلامي ان يزيلوا ما أحاط بابي بكر الخرقي من اهمال.

اليس من الاجحاف والعيب ان نعرف نتفا عن حياة ابي بكر الخرقي هنا وهناك من مصادر غريبة، بينما أمهات الكتب العربية نادرا ما تذكر اسمه؟ انا متأكد ان عرض حياة ابي بكر الخرقي على الناشئة سيكون له الأثر العظيم على شحن هممهم.