العباس بن حاتم النيريزي

هو أبو العباس بن حاتم النيريزي، من نيريز التي تقع قرب شيراز الإيرانية، لا نعرف بالضبط متى ولد، ولكنه توفي سنة 310هـ (الموافق 923م).

يذكر جمال الدين علي بن يوسف القفطي في كتابه (تاريخ الحكماء) ان أبا العباس الفضل بن حاتم النيريزي له صولة وجولة في علمي الهندسة والفلك، ولكنه كرس معظم جهده في دراسة هيئة الافلاك وحركات النجوم.

اهتم أبو العباس النيريزي في علم الهندسة، فشرح كتاب أصول الهندسة لاقليدس، الذي صار من اهم المراجع التي يرجع اليها الباحثون في هذا المجال.

ويذكر ديفيد يوجين سمث في كتابه (تاريخ الرياضيات) المجلد الأول ان جيرارد اوف كريمونا استفاد من شرح النيريزي لكتاب أصول الهندسة لاقليدس في دراسته لعلم الهندسة، مما دعاه لترجمته الى اللغة اللاتينية، فقد كان اكبر عون لعلماء الغرب في عصر النهضة الاوربية.

فجرارد اوف كريمونا (466-583هـ)، من اقدم المستشرقين الذين اهتموا بنتاج علماء العرب والمسلمين، فقد نقل الى اللغة اللاتينية ما يقرب من مائة مؤلف، من اسهام علماء العرب والمسلمين في العلوم التجريبية المختلفة من فلك وفلسفة ورياضيات وطب وغيرها.

ولابي العباس الفضل بن حاتم النيريزي مكانته المرموقة في حقل علم الفلك، ودليلنا على ذلك ما ورد في كتابه (العلوم والحضارة في الإسلام) لسيد حسين نصر، ان له بحوثا في علم المثلثات الكروية، تمتاز بدقتها واصالتها، كذلك له ارصاد فلكية تدل على مهارته الفائقة في هذا المجال.

اما دليلنا الثاني على مكانة ابي العباس النيريزي في ميدان علم الفلك مصنفاته العديدة منها: كتاب الزيد الكبير، وكتاب الزيج الصغير، وكتاب البراهين، وتهيئة الات يتبين فيها ابعاد الأشياء وكتاب (سمت القبلة).

والجدير بالذكر ان الزيج عبارة عن جداول رياضية تخص حركة وبطء واستقامة ورجوع الكواكب في افلاكها، واقدم الزيجات: زيج بطليموس، والزيج من اهم الوسائل في الاسفار البحرية وعلم الهيئة.

نقل أبو العباس الفضل بن حاتم النيريزي كتاب المجسطي لبطليموس الى اللغة العربية، وكتاب المجسطي يحتوي على 13 مقالة في علم الفلك والجغرافية في غاية الأهمية، لذا بذل النيريزي جهدا عظيما في تصحيحه، معتمدا في ذلك على ترجمة ثابت بن قرة (221-288هـ) لهذا الكتاب الفريد.

تفنن أبو العباس النيريزي في كل من دراسة احداث الجو وقياس ابعاد الآبار والأدوية والانهار بطرق دقيقة، مستخدما الوسائل الرياضية والآلات والأجهزة المتوفرة آنذاك.

وخلاصة القول: لا يخفى على القارئ ان العباس النيريزي يعتبر بحق من كبار علماء الفلك والرياضيات، فله بحوث مبتكرة في علمي الفلك والرياضيات، ويظهر ذلك من نتاجه السخي في هذين المجالين، ولكنه نال شهرة عظيمة في جميع انحاء المعمورة في ارصاده الفلكية، التي راجعها علماء العرب والمسلمين التابعين له بأجهزة رصد متقدمة، فاندهشوا للنتائج التي توصل اليها عالمنا الجليل.

قضى أبو العباس النيريزي جل وقته في القراءة والبحث والشرح والتعليق على كتب الاقدمين، في كل من علم الفلك والرياضيات، لذا لا غرابة ابدا لغزارة نتاجه العلمي في علم الفلك وآلات الرصد.

لقيت بعض الصعوبة في الكتابة عن حياة ابي العباس النيريزي، لان المؤرخين للعلوم لم يعطوه حقه من البحث والاستقصاء، ولكن لحسن الحظ انني حصلت على كتاب المستشرق ديفيد يوجين سمث في تاريخ الرياضيات، وكذلك كتاب سيد حسين نصر علن العلوم في الحضارة الإسلامية اللذين كتبا عنه نبذة مختصرة جدا عن حياته، والتي دفعتني لان اسطر هذه الترجمة الموجزة.

ارجو من شباب امتنا العربية والإسلامية ان يقدموا دراسة علمية كل في مجال تخصصه، عن ابي العباس النيريزي الذي خدم الحضارة العربية والإسلامية، لكي يزال بعض الغموض المحيط بتاريخ حياته.