مِن خيار الشيعة في الكوفة أوفى بن حصن وهو أحد أعلامهم النابهين وهو مِن أشدّ الناقمين على معاوية فكان يذيع مساوءه وأحداثه ؛ ولمّا علم به ابن سُميّة أوعز إلى الشرطة بإلقاء القبض عليه ولمّا علم أوفى بذلك اختفى وفي ذات يوم استعرض زياد الناس فاجتاز عليه أوفى فشك في أمره فسأل عنه فأُخبر باسمه فأمر بإحضاره فلمّا مَثُل عنده سأله عن سياسته فعابها وأنكرها فأمر زياد بقتله فهوى الجلادون عليه بسيوفهم وتركوه جثة هامدة .

وكان عبد الله الحضرمي مِن أولياء الإمام أمير المؤمنين ومِن خلّص شيعته كما كان مِن شرطة الخميس وقد قال له الإمام يوم الجمل : أبشر يا عبد الله فإنّك وأباك مِن شرطة الخميس لقد أخبرني رسول الله باسمك واسم أبيك في شرطة الخميس ولمّا قُتِلَ الإمام جزع عليه الحضرمي وبنى له صومعة يتعبّد فيها وانضمّ إليه جماعة مِن خيار الشيعة فأمر ابن سُميّة بإحضارهم ولمّا مَثُلوا عنده أمر بقتلهم فقتلوا صبراً ؛ لقد كانت فاجعة عبد الله كفاجعة حِجْر بن عدي فكلاهما قُتِلَ صبراً وكلاهما أُخِذَ بغير ذنب سوى الولاء لعترة رسول الله (صلّى الله عليه وآله).

فزع الإمام الحُسين كأشدّ ما يكون الفزع ألماً ومحنةً على مقتل الحضرمي وجماعته الأخيار فأنكر على معاوية في مذكرته التي بعثها له وقد جاء فيها : أوَ لستَ قاتل الحضرمي الذي كتب فيه إليك ؛ زياد أنّه على دين علي (عليه السّلام) فكتبت إليه أنْ اقتلْ كلّ مَنْ كان على دين علي فقتلهم ومثّل فيهم بأمرك ودين علي هو دين ابن عمّه (صلّى الله عليه وآله) الذي أجلسك مجلسك الذي أنت فيه ولولا ذلك لكان شرفك وشرف آبائك تجشم الرحلتين رحلة الشتاء والصيف.

ودلّت هذه المذكّرة على أنّ معاوية قد عهد إلى زياد بقتل كلّ مَنْ كان على دين علي (عليه السّلام) الذي هو دين رسول الله (صلّى الله عليه وآله) كما دلّت على أنّ زياداً قد مثّل بهؤلاء البررة بعد قتلهم تشفياً منهم لولائهم لعترة رسول الله (صلّى الله عليه وآله).

ومِنْ عيون شيعة الإمام جويرية بن مسهر العبدي وفي فترات المحنة الكبرى التي امتحنت بها الشيعة أيّام ابن سُميّة بعث خلفه فأمر بقطع يده ورجله وصلبه على جذع قصير .