فكما أن النص يعبر عن لغة وله قواعده الخاصة ، فإن للصورة أيضا لغة قائمة بحد ذاتها ولها أسسها وقواعدها. يجب الإلمام بها حتى نتمكن من التعبير بها. فإذا أخذنا، على سبيل المثال كلمة مجردة ككلمة باب فإنها تدل في ذهن من يسمعها على باب ما غير محدد. فهل هو باب كبير أم باب صغير ؟ هل هو باب خشبي أم حديدي ؟ هل هو مفتوح أم مغلق ؟ هل هو باب منزل أم باب مدرسة ؟... وهنا يعني أن كلمة بمفردها لا تؤدي أي معنى مفيد وإنما تدل فقط على شيء ما مبهم : رجل، كرسي، طالب ، بلد ، ...

بينما إذا جمعنا كلمة إلى أخرى اختلف معنا المعنى والدلالة. فإذا قلنا: باب أثري. فهمنا فوراً أن الباب قديم وله قيمة تاريخية ومادية. واذا أضفنا أيضاً كلمة أخرى كفرعوني مثلا نكون قد كونا جملة مفيدة : باب أثري فرعوني. وفهمنا أن هذا الباب يعود لعهد الفراعنة في مصر...وهكذا.

نستنتج من ذلك أن :

كلمة + كلمة = معنى

وكذلك الأمر بالنسبة للصوت في الإذاعة فإذا سمعنا صوت أولاد يمرحون، فهذا الصوت يوحي لنا بأن هؤلاء الأولاد يلعبون في مكان ما ، ولكن !ذا تبع هذا الصوت صوت جرس نفهم من ذلك أن الأولاد كانوا يمرحون في باحة مدرسية. أو إذا سمعنا صوت امرأة تصرخ لا يمكن أن تدلنا إلا على حالة صراخ. فهل هي تصرخ لفقدان عزيز لها ؟، أم أنها تصرخ لتعرضها لخطر ما، أم أنها تصرخ من ألم ما ألم بها ؟. لا يمكن أن نحدد. ولكن إذا أضفنا إلى هذا الصوت صوت صراخ مولود نفهم بأن المرأة كانت في حالة وضع لطفلها.

وإنا سمعنا جلبة ناس لا يمكننا أن نحدد ما هي هذه الجلبة ؟ وأين ؟ ولماذا ؟ ولكن إذا أضفنا صوت صفارة قطار نفهم بأن هؤلاء الناس مجتمعون في محطة للقطارات ويتهيأون للسفر أو لاستقبال ذويهم من المسافرين. وإذا سمعنا صفارة سفينة قلنا إنهم في مرفأ وهكذا...

نستنتج من ذلك أن :

صوت + صوت = معنى

الصورة كذلك كالكلمة والصوت لها لغتها. فصورة مجردة معزولة بحد ذاتها لا نؤدي إلى معنى. ولكن إذا أضفنا لها صورة ثانية إلى جانبها فإنهما معا ستعطيان معنى. فإذا وضعنا مثلا صورة نصفية لرجل، فإنها لوحدها لا تعطي أي معنى سوى كونها صورة لرجل ما. ولكن إذا أضفنا لهذه الصورة الصورة الكاملة له وهو يحمل حقيبة نفهم بأنه ربما كان على سفر، أو أنه عائد من سفر. واذا أضننا صورة أخرى لمحطة قطارات نفهم أنه كان على سفر بهذا القطار، أو لطائرة نفهم بأنه كان على سفر على متن هذه الطائرة. وهذا دون حتى أن نتفوه بكلمة واحدة. هذا يعني أن الصور بحد ذاتها تشكل لغة متكاملة إذا استطعنا أن نسلسل الصور بشكل منطقي. (تماما كما يفعل كل واحد منا عندما يعود من رحلة ما، أو عطلة صيفية وقد التقط فيها صورا كثيرة له وللعائلة وحاول أن يحتفظ بها ضمن ألبوم للصور فإنه يحاول أن يصنفها حسب مجرياتها وتسلسلها الزمني. فيبدأ ربما بصورة العائلة تحزم الحقائب، ثم صورة للأولاد وهم في القطار أو الطائرة، ثم الوصول، فالفندق، فاللهو على الشاطئ ... وهكذا. فإذا ما جاء أحدهم ليتصفح هذا الألبوم فإنه غالباً لا يحتاج لشرح فالصور تتكلم بنفسها.