المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 16309 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
التربة المناسبة لزراعة التمر هندي
2024-04-19
صلاة الليل بإشارات القرآنية
2024-04-18
الائمة يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر
2024-04-18
معنى الصد
2024-04-18
ان الذي يموت كافر لا ينفعه عمل
2024-04-18
تحتمس الثالث الحملتان الحادية عشرة والثانية عشرة.
2024-04-18

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


تفسير الآية(87-90) من سورة هود  
  
2274   03:44 مساءً   التاريخ: 9-6-2020
المؤلف : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : ......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الهاء / سورة هود /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-5-2020 4795
التاريخ: 2-5-2020 4129
التاريخ: 5-6-2020 2789
التاريخ: 11-6-2020 6754

 

قال تعالى : { قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ (87) قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88) وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ (89) وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ }[هود: 87 - 90]

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه  الآيات (1) :

{قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} إنما قالوا ذلك لأن شعيبا (عليه السلام) كان كثير الصلاة وكان يقول إذا صلى إن الصلاة رادعة عن الشر ناهية عن الفحشاء والمنكر فقالوا أ صلاتك التي تزعم أنها تأمر بالخير وتنهى عن الشر أمرتك بهذا عن ابن عباس وقيل: معناه أ دينك يأمرك بترك دين السلف عن الحسن وعطا وأبي مسلم قالوا كنى عن الدين بالصلاة لأنها من أجل أمور الدين وإنما قالوا ذلك على وجه الاستهزاء {أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ} معناه: أصلاتك تأمرك بترك عبادة ما يعبد آباؤنا أو بترك فعل ما نشاء في أموالنا من البخس والتطفيف {إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} قيل: إنهم قالوا ذلك على وجه الهزء والتهكم وأرادوا به ضد ذلك أي السفيه الغاوي عن ابن عباس وقيل: إنهم قالوا ذلك على التحقيق أي إنك أنت الحليم في قومك فلا يليق بك أن تخالفهم والحليم الذي لا يعاجل بالعقوبة مستحقها والرشيد المرشد .

{ قال} شعيب : {يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي} مر تفسيره {وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا} قيل: إن الرزق الحسن هاهنا النبوة وقيل : معناه هداني لدينه ووسع على رزقه وكان كثير المال عن الحسن وقيل كل نعمة من الله سبحانه فهو رزق حسن وفي الكلام حذف أي: أفأعدل مع ذلك عما أنا عليه من عبادته وإنما حذف لدلالة ما أبقاه على ما ألقاه { وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} أي: لست أنهاكم عن شيء وأدخل فيه وإنما أختار لكم ما أختاره لنفسي ومعنى ما أخالفكم إليه أي ما أقصده بخلافكم إلى ارتكابه عن الزجاج وهذا في معنى قول الشاعر :

لا تنه عن خلق وتأتي مثله               عار عليك إذا فعلت عظيم .

وقيل معناه : وما أريد اجترار منفعة إلى نفسي بما أنهاكم عنه أي لا آمركم بترك التطفيف في الكيل والوزن لتكون منفعة ما يحصل بالتطفيف لي { إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ}أي: لست أريد بما آمركم به وأنهاكم عنه إلا إصلاح أموركم في دينكم ودنياكم { ما استطعت} أي: ما قدرت عليه وتمكنت منه { وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ }معناه :وليس توفيقي في امتثال ما آمركم به والانتهاء عما أنهاكم عنه إلا بالله فلا يوفق غيره أي وليس ما أفعله بحولي وقوتي بل بمعونة الله ولطفه وتيسيره { عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ} والتوكل على الله الرضا بتدبيره مع تفويض الأمور إليه والتمسك بطاعته { وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} أي: وإليه أرجع في المعاد عن مجاهد وقيل إليه أرجع بعملي ونيتي عن الحسن ومعناه إني أعمل أعمالي كلها لوجه الله .

{ وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي}أي:لا يكسبنكم خلافي ومعاداتي {أَنْ يُصِيبَكُمْ}عذاب العاجلة عن الزجاج وقيل: معناه لا تحملنكم عداوتي على مخالفة ربكم فيصيبكم من العذاب مثل ما أصاب من قبلكم عن الحسن وكان سبب هذه العداوة دعاؤه لكم إلى مخالفة الآباء والأجداد في عبادة الأوثان وما يثقل عليهم من الإيفاء في الكيل والميزان {مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ} من الهلاك بالغرق { أَوْ قَوْمَ هُودٍ} بالريح العقيم {أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ} بالرجفة { وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ} أي: هم قريب منكم في الزمان الذي بينه وبينكم عن قتادة وقيل: معناه أن دارهم قريبة من داركم فيجب أن تتعظوا بهم { وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ} أي: اطلبوا المغفرة من الله ثم توصلوا إليها بالتوبة وقيل معناه استغفروا للماضي واعزموا في المستقبل وقيل استغفروا ثم دوموا على التوبة قيل استغفروا في العلانية ثم أضمروا الندامة في القلب عن الماضي.

 { إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ} بعباده فيقبل توبتهم ويعفو عن معاصيهم { ودود} أي: محب لهم ومعناه مريد لمنافعهم وقيل: معناه متودد إلى عباده بكثرة إنعامه عليهم وقيل: ودود بمعنى الواد أي: يودهم إذا أطاعوه.

______________________

1- تفسير مجمع البيان ،الطبرسي،ج5،ص321-323.

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه  الآيات (1) :

{ قالُوا يا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشاء } . كل من لا يؤمن باللَّه واليوم الآخر يتخذ من الصلاة موضوعا للاستهزاء والسخرية من المصلين ، وقد كان شعيب ( عليه السلام ) ولا شك من المصلين . .

ولما أمر قومه بنبذ الأصنام وعبادة اللَّه وحده ، ونهاهم عن الاستغلال والكسب الحرام تهكموا به ، وقالوا : أصلاتك التي تصليها ، وتدل على السفه والحماقة أوحت إليك ان تأمرنا بترك التقاليد والعادات التي ألفها الآباء والأجداد جيلا بعد جيل ، وان تنهانا عن تحصيل المال كيف نشاء ؟ { إِنَّكَ لأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ } ؟ .

أي هل أنت عاقل في قولك هذا ؟ . وتتضمن هذه الآية الدلالات التالية :

1 - ان رسالة الأنبياء لا تنحصر بالدعوة إلى إقامة الشعائر ، بل تشمل أيضا الحياة الاجتماعية ، وتحد من حرية الإنسان في تصرفاته ، وتقيده بعدم الاعتداء على غيره ، وتحجر عليه كل عمل يستلزم الإضرار بالفرد أو الجماعة ، وأوضح دليل على ذلك قوله : { ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين } .

2 - لقد دلت الآية ان أشد الناس عداوة للأنبياء والمصلين هم الذين يجمعون المال بالخديعة والاحتيال ، ويتصرفون في مقدرات الناس على أهوائهم ، تماما كما تفعل شركات الاستغلال والاحتكار .

3 - تدل الآية أيضا على أن للرأسمالية المتطرفة جذورا وأنصارا في التاريخ ، والشواهد على ذلك من الآثار لا يبلغها الإحصاء . . وهذه الرأسمالية تطلق للفرد الحرية الكاملة في تحصيل الثروة واستغلالها في مشاريع السلب والنهب ، وأوضح تعريف لها قول المترفين لشعيب : { أو ان نفعل في أموالنا ما نشاء } . فليس مرادهم بهذا ان ينفقوا أموالهم في المأكل والملبس . . كلا ، وانما مرادهم ان يستغلوا أموالهم في السيطرة على الناس ، والتحكم بأقواتهم .

وكما دل التاريخ على أن الإنسان قديم العهد بهذه الرأسمالية فقد دل أيضا على أنه قديم العهد بالاشتراكية ، فقد جاء في دروس التاريخ للمؤرخ « ول ديورانت » :

ان الباحثين قد عثروا على لوحة سومرية يرجع تاريخها - 2100 قبل الميلاد ، تقول : كانت الدولة هي التي توجه الاقتصاد القومي . وان في بابل سنة 1750 قبل الميلاد كان قانون حامورابي يحدد أسعار كل شيء . وان في عصر البطالمة سنة 313 قبل الميلاد كانت الدولة تملك الأرض ، وتدير الزراعة ، إلى غير ذلك .

والإسلام يرفض كلا من الاشتراكية والرأسمالية بمعناهما الشائع اليوم ، ويقر

كل ما من شأنه ان يواجه الصعاب ، ويحل مشكلات الحياة ، دون ان يبخس الناس أشياءهم . انظر فقرة « الغني وكيل لا أصيل » عند تفسير الآية 182 من سورة آل عمران ج 2 ص 217 .

{ قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي }. تقدم في الآية 28 من هذه السورة .

{ ورَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً } بعد أن أمر شعيب ( عليه السلام ) قومه بالكسب الحلال الطيب ونهاهم عن الحرام الخبيث احتج عليهم بما أنعم اللَّه عليه من الرزق الكافي الوافي بجميع حاجاته ، مع أنه أبعد الناس عن الحرام . . فأسباب الرزق الحسن - إذن - لا تنحصر بالحرام ، ومحال ان يحصر اللَّه الرزق بباب من الأبواب ، ثم يحرمه على عباده ، وقول شعيب { ورَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً } يومئ إلى أنه كان في سعة من العيش .

{ وما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ } . ولو فعل لكانت الحجة لهم عليه ، ولا حجة له عليهم ، ومن شروط النبي أن تكون جميع صفاته مبشرة لا منفرة ، والطباع تنفر من الذين يقولون ما لا يفعلون { إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ } . والمصلح يعظ الناس بأفعاله قبل أقواله ، ويستمر في دعوته متحملا في سبيلها الأذى والمشاق ، ومن أجل هذا كان شعيب وغيره من الأنبياء يأكلون من عمل أيديهم ، ويتحملون الأذى من الكافرين والمعاندين { وما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وإِلَيْهِ أُنِيبُ } أي انه سيمضي في تأدية رسالته مهما تكن النتائج متوكلا على اللَّه وطالبا منه العون وراجعا إليه في جميع أموره .

{ ويا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ ما أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صالِحٍ وما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ } . لا يجرمنكم أي لا يكسبنكم ، والمعنى لا يكسبنكم عداؤكم لي نزول العذاب بكم ، فما عادى قوم نبيهم الا ونزل بهم العذاب ، ومن الشواهد على ذلك أقوام الأنبياء المذكورين . فقوله : لا يجرمنكم شقاقي الخ مثل قولك لمن عق أباه : لا يكسبنك عقوقك لأبيك غضب اللَّه عليك { واسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ } . مر نظيره مع التفسير في الآية 52 و61

من هذه السورة { إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ } يرحم من استغفر واعتذر ، ويتودد إلى عباده بالانعام عليهم ، والنصح لهم ، والإمهال لعلهم يرجعون .

_________________

1- التفسير الكاشف، محمد جواد مغنية،ج4، ص259-262.

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

قوله تعالى:{ قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} إلى آخر الآية، رد منهم لحجة شعيب عليه، وهو من ألطف التركيب، ومغزى مرادهم أنا في حرية فيما نختاره لأنفسنا من دين أو نتصرف به في أموالنا من وجوه التصرف ولست تملكنا حتى تأمرنا بكل ما أحببت أو تنهانا عن كل ما كرهت فإن ساءك شيء مما تشاهد منا بما تصلي وتتقرب إلى ربك وأردت أن تأمر وتنهى فلا تتعد نفسك لأنك لا تملك إلا إياها.

وقد أدوا مرادهم هذا في صورة بديعة مشوبة بالتهكم واللوم معا ومسبوكة في قالب الاستفهام الإنكاري وهو أن الذي تريده منا من ترك عبادة الأصنام، وترك ما شئنا من التصرف في أموالنا هو الذي بعثتك إليه صلاتك وشوهته في عينك فأمرتك به لما أنها ملكتك لكنك أردت منا ما أرادته منك صلاتك ولست تملكنا أنت ولا صلاتك لأننا أحرار في شعورنا وإرادتنا لنا أن نختار أي دين شئنا ونتصرف في أموالنا أي تصرف أردنا من غير حجر ولا منع ولم ننتحل إلا ديننا الذي هو دين آبائنا ولم نتصرف إلا في أموالنا ولا حجر على ذي مال في ماله.

فما معنى أن تأمرك إياك صلاتك بشيء ونكون نحن الممتثلون لما أمرتك به؟ وبعبارة أخرى ما معنى أن تأمرك صلاتك بفعلنا القائم بنا دونك؟ فهل هذا إلا سفها من الرأي؟ وإنك لأنت الحليم الرشيد والحليم لا يعجل في زجر من يراه مسيئا وانتقام من يراه مجرما حتى ينجلي له وجه الصواب، والرشيد لا يقدم على أمر فيه غي وضلال فكيف أقدمت على مثل هذا الأمر السفهي الذي لا صورة له إلا الجهالة والغي؟ وقد ظهر بهذا البيان أولا: أنهم إنما نسبوا الأمر إلى الصلاة لما فيها من البعث والدعوة إلى معارضة القوم في عبادتهم الأصنام ونقصهم المكيال والميزان، وهذا هو السر في تعبيرهم عن ذلك بقولهم:{أ صلاتك تأمرك أن نترك} إلخ، دون أن يقولوا: أ صلاتك تنهاك أن نعبد ما يعبد آباؤنا؟ مع أن التعبير عن المنع بالنهي عن الفعل أقرب إلى الطبع من التعبير بالأمر بالترك ولذلك عبر عنه شعيب بالنهي في جوابه عن قولهم إذ قال:{وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه} ولم يقل إلى ما آمركم بتركه.

والمراد - على أي حال - منعه إياهم عن عبادة الأصنام والتطفيف فافهم ذلك فإنه من لطائف هذه الآية التي ملئت لطافة وحسنا.

وثانيا: أنهم إنما قالوا:{أن نترك ما يعبد آباؤنا} دون أن يقولوا: أن نترك آلهتنا أو أن نترك الأوثان ليشيروا بذلك إلى الحجة في ذلك وهي أن هذه الأصنام دام على عبادتها آباؤنا فهي سنة قومية لنا، ولا ضير في الجري على سنة قومية ورثها الخلف من السلف، ونشأ عليها الجيل بعد الجيل فإنا نعبد آلهتنا وندوم على ديننا وهو دين آبائنا ونحفظ رسما مليا عن الضيعة.

وثالثا: أنهم إنما قالوا:{ أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا} فذكروا الأموال مضافة إلى أنفسهم ليكون في ذلك إيماء إلى الحجة فإن الشيء إذا صار مالا لأحد لم يشك ذو ريب في أن له أن يتصرف فيه وليس لغيره ممن يعترف بماليته له أن يعارضه في ذلك، وللمرء أن يسير في مسير الحياة ويتدبر في أمر المعيشة بما يستطيعه من الحذق والاحتيال، ويهديه إليه الذكاء والكياسة.

ورابعا: أن قولهم:{ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ - إلى قوله - إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} مبني على التهكم والاستهزاء إلا أن التهكم في تعليقهم أمر الصلاة شعيبا على تركهم ما يعبد آباؤهم، وكذا في نسبة الأمر إلى الصلاة لا غير، وأما نسبة الحلم والرشد إليه فليس فيها تهكم واستهزاء، ولذلك أكد قوله:{ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} بإن واللام وإتيان الخبر جملة اسمية ليكون أقوى في إثبات الحلم والرشد له فيصير أبلغ في ملامته والإنكار عليه، وأن الذي لا شك في حلمه ورشده قبيح عليه أن يقدم على مثل هذا الأمر السفهي، وينتهض على سلب حرية الناس واستقلالهم في الشعور والإرادة.

وظهر بذلك أن ما ذكره كثير منهم أنهم وصفوه بالحلم والرشد على سبيل الاستهزاء يعنون به أنه موصوف بضدهما وهو الجهالة والغي. ليس بصواب.

قوله تعالى:{ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا} إلى آخر الآية، المراد بكونه على بينة من ربه كونه على آية بينة وهي آية النبوة والمعجزة الدالة على صدق النبي في دعوى النبوة، والمراد بكونه رزق من الله رزقا حسنا أن الله آتاه من لدنه وحي النبوة المشتمل على أصول المعارف والشرائع، وقد مر توضيح نظير هاتين الكلمتين فيما تقدم.

والمعنى: أخبروني إن كنت رسولا من الله إليكم وخصني بوحي المعارف والشرائع وأيدني بآية بينة يدل على صدق دعواي فهل أنا سفيه في رأيي؟ وهل ما أدعوكم إليه دعوة سفهية؟ وهل في ذلك تحكم مني عليكم أو سلب مني لحريتكم؟ فإنما هو الله المالك لكل شيء ولستم بأحرار بالنسبة إليه بل أنتم عباده يأمركم بما شاء، وله الحكم وإليه ترجعون.

وقوله:{ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} تعدية المخالفة بإلى لتضمينه معنى ما يتعدى بها كالميل ونحوه؟ والتقدير: أخالفكم مائلا إلى ما أنهاكم عنه أوأميل إلى ما أنهاكم عنه مخالفا لكم.

والجملة جواب عن ما اتهموه به أنه يريد أن يسلب عنهم الحرية في أعمالهم ويستعبدهم ويتحكم عليهم، ومحصله أنه لو كان مريدا ذلك لخالفهم فيما ينهاهم عنه، وهو لا يريد مخالفتهم فلا يريد ما اتهموه به وإنما يريد الإصلاح ما استطاع.

توضيحه: أن الصنع الإلهي وإن أنشأ الإنسان مختارا في فعله حرا في عمله له أن يميل في مظان العمل إلى كل من جانبي الفعل والترك فله بحسب هذه النشأة حرية تامة بالقياس إلى بني نوعه الذين هم أمثاله وأشباهه في الخلقة لهم ما له وعليهم ما عليه فليس لأحد أن يتحكم على آخر عن هوى من نفسه.

إلا أنه أفطره على الاجتماع فلا تتم له الحياة إلا في مجتمع من أفراد النوع يتعاون فيه الجميع على رفع حوائج الجميع ثم يختص كل منهم بما له من نصيب بمقدار ما له من الزنة الاجتماعية، ومن البديهي أن الاجتماع لا يقوم على ساق إلا بسنن وقوانين تجري فيها، وحكومة يتولاها بعضهم تحفظ النظم وتجري القوانين كل ذلك على حسب ما يدعوإليه مصالح المجتمع.

فلا مناص من أن يفدي المجتمعون بعض حريتهم قبال القانون والسنة الجارية بالحرمان من الانطلاق والاسترسال ليسعدوا لذلك بنيل بعض مشتهياتهم وإحياء البعض الباقي من حريتهم.

فالإنسان الاجتماعي لا حرية له قبال المسائل الحيوية التي تدعو إليه مصالح المجتمع ومنافعه، والذي يتحكمه الحكومة في ذلك من الأمر والنهي ليس من الاستعباد والاستكبار في شيء إذ إنها إنما يتحكم فيما لا حرية للإنسان الاجتماعي فيه، وكذا الواحد من الناس المجتمعين إذا رأى من أعمال إخوانه المجتمعين ما يضر بحال المجتمع أو لا ينفع لإبطاله ركنا من أركان المصالح الأساسية فيها فبعثه ذلك إلى وعظهم بما يرشدهم إلى اتباع سبيل الرشد فأمرهم بما يجب عليهم العمل به ونهاهم عن اقتراف ما يجب عليهم الانتهاء عنه لم يكن هذا الواحد متحكما عن هوى النفس مستعبدا للأحرار المجتمعين من بني نوعه فإنه لا حرية لهم قبال المصالح العالية والأحكام اللازمة المراعاة في مجتمعهم، وليس ما يلقيه إليهم من الأمر والنهي في هذا الباب أمرا أو نهيا له في الحقيقة بل كان أمرا ونهيا ناشئين عن دعوة المصالح المذكورة قائمين بالمجتمع من حيث هو مجتمع بشخصيته الوسيعة، وإنما الواحد الذي يلقي إليهم الأمر والنهي بمنزلة لسان ناطق لا يزيد على ذلك.

وأمارة ذلك أن يأتمر هو نفسه بما يأمر به وينتهي هو نفسه عما ينهى عنه من غير أن يخالف قوله فعله ونظره عمله، إذ الإنسان مطبوع على التحفظ على منافعه ورعاية مصالحه فلو كان فيما يدعو إليه غيره من العمل خير وهو مشترك بينهما لم يخالفه بشخصه، ولم يترك لنفسه ما يستحسنه لغيره، ولذلك قال (عليه السلام) فيما ألقاه إليهم من الجواب:{ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} وقال أيضا كما حكاه الله تتميما للفائدة ودفعا لأي تهمة تتوجه إليه:{وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين:} الشعراء: - 180.

فهو (عليه السلام) يشير بقوله:{وما أريد أن أخالفكم} إلخ، إلى أن الذي ينهاهم عنه من الأمور التي فيها صلاح مجتمعهم الذي هو أحد أفراده، ويجب على الجميع مراعاتها وملازمتها، وليس اقتراحا استعباديا عن هوى من نفسه، ولذلك عقبه بقوله:{ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ}.

وملخص المقام أنهم لما سمعوا من شعيب (عليه السلام) الدعوة إلى ترك عبادة الأصنام والتطفيف ردوه بأن ذلك اقتراح منه مخالف لما هم عليه من الحرية الإنسانية التي تسوغ لهم أن يعبدوا من شاءوا ويفعلوا في أموالهم ما شاءوا.

فرد عليهم شعيب (عليه السلام) بأن الذي يدعوهم إليه ليس من قبل نفسه حتى ينافي مسألتهم ذلك حريتهم ويبطل به استقلالهم في الشعور والإرادة بل هو رسول من ربهم إليهم وله على ذلك آية بينة، والذي أتاهم به من عند الله الذي يملكهم ويملك كل شيء وهم عباده لا حرية لهم قباله، ولا خيرة لهم فيما يريده منهم.

على أن الذي ألقاه إليهم من الأمور التي فيها صلاح مجتمعهم وسعادة أنفسهم في الدنيا والآخرة، وأمارة ذلك أنه لا يريد أن يخالفهم إلى ما ينهاهم عنه بل هو مثلهم في العمل به، وإنما يريد الإصلاح ما استطاع، ولا يريد منهم على ذلك أجرا إن أجره إلا على رب العالمين.

وقوله:{ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} في مقام الاستثناء من الاستطاعة فإنه (عليه السلام) لما ذكر لهم أنه يريد إصلاح مجتمعهم بالعلم النافع والعمل الصالح على مقدار ما له من الاستطاعة وفي ضوئها أثبت لنفسه استطاعة وقدرة وليست للعبد باستقلاله وحيال نفسه استطاعة دون الله سبحانه أتم ما في كلامه من النقص والقصور بقوله:{وما توفيقي إلا بالله} أي إن الذي يترشح من إرادتي باستطاعة مني من تدبير أمور مجتمعكم وتوفيق الأسباب بعضها ببعض الناتجة لسعادته إنما هو بالله سبحانه لا غنى عنه ولا مخرج من إحاطته ولا استقلال في أمر دونه فهو الذي أعطاني ما هو عندي من الاستطاعة، وهو الذي يوفق الأسباب من طريق استطاعتي فاستطاعتي منه وتوفيقي به.

بين (عليه السلام) هذه الحقيقة، واعترف بأن توفيقه بالله، وذلك من فروع كونه تعالى هو الفاطر لكل نفس والحافظ عليها والقائم على كل نفس بما كسبت كما قال:{الحمد لله فاطر السماوات والأرض:} الفاطر: - 1، وقال:{ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ:} السبأ: - 21، وقال:{ أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ:} الرعد: - 33، وقال:{ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا:} الفاطر: - 41 ومحصله أنه تعالى هو الذي أبدع الأشياء وأعمالها والروابط التي بينها وأظهرها بالوجود، وهو الذي قبض على كل شيء فأمسكه وأمسك آثاره والروابط التي بينها أن تزول وتغيب وراء ستر البطلان.

ولازم ذلك أنه تعالى وكيل كل شيء في تدبير أموره فهي منسوبة إليه تعالى في تحققها وتحقق الروابط التي بينها لما أنه محيط بها قاهر عليها ولها مع ذلك نسبة إلى ذلك الشيء بإذنه تعالى.

ومن الواجب للعبد العالم بمقام ربه العارف بهذه الحقيقة أن يمثلها بإنشاء التوكل على ربه والإنابة والرجوع إليه، ولذلك لما ذكر شعيب (عليه السلام) أن توفيقه بالله عقبه بإنشاء التوكل والإنابة فقال:{ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.

كلام في معنى حرية الإنسان في عمله

الإنسان بحسب الخلقة موجود ذو شعور وإرادة له أن يختار لنفسه ما يشاء من الفعل وبعبارة أخرى له في كل فعل يقف عليه أن يختار جانب الفعل وله أن يختار جانب الترك فكل فعل من الأفعال الممكنة الإتيان إذا عرض عليه كان هو بحسب الطبع واقفا بالنسبة إليه على نقطة يلتقي فيها طريقان: الفعل والترك فهو مضطر في التلبس والاتصاف بأصل الاختيار لكنه مختار في الأفعال المنتسبة إليه الصادرة عنه باختياره أي إنه مطلق العنان بالنسبة إلى الفعل والترك بحسب الفطرة غير مقيد بشيء من الجانبين ولا مغلول، وهو المراد بحرية الإنسان تكوينا.

ولازم هذه الحرية التكوينية حرية أخرى تشريعية يتقلد بها في حياته الاجتماعية وهو أن له أن يختار لنفسه ما شاء من طرق الحياة ويعمل بما شاء من العمل، وليس لأحد من بني نوعه أن يستعلي عليه فيستعبده ويتملك إرادته وعمله فيحمل بهوى نفسه عليه ما يكرهه فإن أفراد النوع أمثال لكل منهم ما لغيره من الطبيعة الحرة، قال تعالى:{ وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ:} آل عمران: - 64 وقال:{وما كان لبشر - إلى أن قال - ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله:} آل عمران: - 79.

هذا ما للإنسان بالقياس إلى أمثاله من بني نوعه، وإما بالقياس إلى العلل والأسباب الكونية التي أوجدت الطبيعة الإنسانية فلا حرية له قبالها فإنها تملكه وتحيط به من جميع الجهات وتقلبه ظهرا لبطن، وهي التي بإنشائها ونفوذ أمرها فعلت بالإنسان ما فعلت فأظهرته على ما هو عليه من البنيان والخواص من غير أن يكون له الخيرة من أمره فيقبل ما يحبه ويرد ما يكرهه بل كان كما أريد لا كما أراد حتى إن أعمال الإنسان الاختيارية وهي ميدان الحرية الإنسانية إنما تطيع الإنسان فيما أذنت فيه هذه العلل والأسباب فليس كل ما أحبه الإنسان وأراده بواقع ولا هو في كل ما اختاره لنفسه بموفق له، وهو ظاهر.

وهذه العلل والأسباب هي التي جهزت الإنسان بجهازات تذكره حوائجه ونواقص وجوده، وتبعثه إلى أعمال فيها سعادته وارتفاع نواقصه وحوائجه كالغاذية مثلا التي تذكره الجوع والعطش وتهديه إلى الخبز والماء لتحصيل الشبع والري وهكذا سائر الجهازات التي في وجوده.

ثم إن هذه العلل والأسباب أوجبت إيجابا تشريعيا على الإنسان الفرد أمورا ذات مصالح واقعية لا يسعه إنكارها ولا الاستنكاف بالاستغناء عنها كالأكل والشرب والإيواء والاتقاء من الحر والبرد والدفاع تجاه كل ما يضاد منافع وجوده.

ثم أفطرته بالحياة الاجتماعية فأذعن بوجوب تأسيس المجتمع المنزلي والمدني والسير في مسير التعاون والتعامل، ويضطره ذلك إلى الحرمان عن موهبة الحرية من جهتين: إحداهما أن الاجتماع لا يتم من الفرد إلا بإعطائه الأفراد المتعاونين له حقوقا متقابلة محترمة عنده ليعطوه بإزائها حقوقا يحترمونها وذلك بأن يعمل للناس كما يعملون له، وينفعهم بمقدار ما ينتفع بهم، ويحرم عن الانطلاق والاسترسال في العمل على حسب ما يحرمهم فليس له أن يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد بل هو حر فيما لا يزاحم حرية الآخرين، وهذا حرمان عن بعض الحرية للحصول على بعضها.

وثانيتهما: أن المجتمع لا يقوم له صلب دون أن يجري فيه سنن وقوانين يتسلمها الأفراد المجتمعون أو أكثرهم تضمن تلك السنن والقوانين منافعهم العامة بحسب ما للاجتماع من الحياة الراقية أو المنحطة الردية، ويستحفظ بها مصالحهم العالية الاجتماعية.

ومن المعلوم أن احترام السنن والقوانين يسلب الحرية عن المجتمعين في مواردها فالذي يستن سنة أو يقنن قانونا سواء كان هو عامة المجتمعين أو المندوبين منهم أو السلطان أو كان هو الله ورسوله - على حسب اختلاف السنن والقوانين - يحرم الناس بعض حريتهم ليحفظ به البعض الآخر منها، قال الله تعالى:{ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ:} القصص: - 68، وقال تعالى:{ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا:} الأحزاب: - 36.

فتلخص أن الإنسان إنما هو حر بالقياس إلى أبناء نوعه فيما يقترحونه لهوى من أنفسهم، وأما بالنسبة إلى ما تقتضيه مصالحه الملزمة وخاصة المصالح الاجتماعية العامة على ما تهديه إليها وإلى مقتضياتها العلل والأسباب فلا حرية له البتة، ولا أن الدعوة إلى سنة أو أي عمل يوافق المصالح الإنسانية من ناحية القانون أو من بيده إجراؤه أو الناصح المتبرع الذي يأمر بمعروف أو ينهى عن منكر متمسكا بحجة بينة، من التحكم الباطل وسلب الحرية المشروعة في شيء.

ثم إن العلل والأسباب المذكورة وما تهدي إليه من المصالح مصاديق لإرادة الله سبحانه أوإذنه - على ما يهدي إليه ويبينه تعليم التوحيد في الإسلام - فهو سبحانه المالك على الإطلاق، وليس لغيره إلا المملوكية من كل جهة، ولا للإنسان إلا العبودية محضا فمالكيته المطلقة تسلب أي حرية متوهمة للإنسان بالنسبة إلى ربه كما أنها هي تعطيه الحرية بالقياس إلى سائر بني نوعه كما قال تعالى:{ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ:} آل عمران: - 64.

فهو سبحانه الحاكم على الإطلاق والمطاع من غير قيد وشرط كما قال:{إن الحكم إلا لله} وقد أعطى حق الأمر والنهي والطاعة لرسله ولأولي الأمر وللمؤمنين من الأمة الإسلامية فلا حرية لأحد قبال كلمة الحق التي يأتون به ويدعون إليه، قال تعالى:{ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ:} النساء: - 59، وقال تعالى:{والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر:} التوبة: - 71.

قوله تعالى:{ وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ } الجرم بالفتح فالسكون - على ما ذكره الراغب - قطع الثمرة عن الشجر وقد استعير لكل اكتساب مكروه، والشقاق المخالفة والمعاداة.

والمعنى: احذروا أن يكتسب لكم مخالفتي ومعاداتي بسبب ما أدعوكم إليه أصابه مصيبة مثل مصيبة قوم نوح وهي الغرق أو قوم هود وهي الريح العقيم أو قوم صالح وهي الصيحة والرجفة.

وقوله:{ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ} أي لا فصل كثيرا بين زمانهم وزمانكم وقد كانت الفاصلة الزمانية بين القومين أقل من ثلاثة قرون، وقد كان لوط معاصرا لإبراهيم (عليه السلام) وشعيب معاصرا لموسى (عليه السلام).

وقيل: المراد به نفي البعد المكاني، والإشارة إلى أن بلادهم الخربة قريبة منكم لقرب مدين من سدوم وهو بالأرض المقدسة، فالمعنى: وما مكان قوم لوط منكم ببعيد تشاهدون مدائنهم المخسوفة وآثارهم الباقية الظاهرة.

والسياق لا يساعد عليه والتقدير خلاف الأصل لا يصار إليه إلا بدليل.

قوله تعالى:{ وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ} قد تقدم الكلام في معنى قوله:{واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه} أي استغفروا الله من ذنوبكم وارجعوا إليه بالإيمان به وبرسوله إن الله ذو رحمة ومودة يرحم المستغفرين التائبين ويحبهم.

وقد قال أولا:{استغفروا ربكم} فأضاف الرب إليهم ثم قال في مقام تعليله:{إن ربي رحيم ودود} ولعل الوجه فيه أنه ذكر في مرحلة الأمر بالاستغفار والتوبة من الله سبحانه صفة ربوبيته لأنها الصفة التي ترتبط بها العبادة ومنها الاستغفار والتوبة، وأضاف ربوبيته إليهم بقوله:{ربكم} لتأكيد الارتباط وللإشعار بأنه هو ربهم لا ما يتخذونها من الأرباب من دون الله.

وكان من حق الكلام أن يقول في تعليله: إن ربكم رحيم ودود لكنه لما كان مع كونه تعليلا ثناء على الله سبحانه، وقد أثبت سابقا أنه رب القوم إضافة ثانيا إلى نفسه ليفيد الكلام بمجموعه معنى أن ربكم وربي رحيم ودود.

على أن في هذه الإضافة معنى المعرفة والخبرة فتفيد تأييدا لصحة القول فإنه في معنى أنه تعالى رحيم ودود وكيف لا؟ وهو ربي أعرفه بهذين الوصفين.

والودود من أسماء الله تعالى، وهو فعول من الود بمعنى الحب إلا أن المستفاد من موارد استعماله أنه نوع خاص من المحبة وهو الحب الذي له آثار وتبعات ظاهرة كالألفة والمراودة والإحسان، قال تعالى:{ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً:} الروم: - 21.

والله سبحانه يحب عباده ويظهر آثار حبه بإفاضة نعمه عليهم{وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها:} إبراهيم: - 34 فهو تعالى ودود لهم.

______________________

1- تفسير الميزان ،الطباطبائي،ج10،ص289-297.

تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه  الآيات (1) :

المنطق الواهي:

والآن فَلْنَرَ ما كان ردّ القوم اللجوجين إزاء نداء هذا المصلح السّماوي «شعيب».

فبما إنّهم كانوا يتصورون أنّ عبادة الأصنام من آثار سلفهم الصالح، ودلالة على أصالة ثقافتهم، وكانوا لا يرفعون اليد عن الغش في المعاملة وتحقيق الربح الوفير عن هذا الطريق قالوا { يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} ونترك حريتنا في التصرف بأموالنا فلا نستطيع الإِستفادة منها {أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء} إِن هذا بعيد منك { إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ}؟!

وهنا ينقدح هذا السؤال وهم لِمَ سألوه عن الصلاة وأظهروا اهتمامهم بها؟!

قال بعض المفسّرين: كان ذلك لأنّ شعيباً كان يكثر من صلاته ويقول للناس:

إِنّ الصلاة تنهى صاحبها عن الفحشاء والمنكرات.

ولكن هؤلاء الأغبياء الذين لم يعرفوا السرّ والعلاقة بين الصلاة وترك المنكرات، كانوا يسخرون من شعيب وكانوا يقولون له: أهذه الأذكار والأوراد والحركات التي تقوم بها تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا ونهمل سنّة السلف وثقافتنا التقليدية أو أن نسلب اختيارنا من التصرف بأموالنا كيف شئنا؟!

واحتمل البعض أنّ «الصلاة» إشارة إِلى العقيدة والدين، لأنّها عبارة عن المظهر البارز للدين.

وعلى كل حال لو كان أُولئك يفكرون جيداً لأدركوا هذا الأمر الواقعي وهو أنّ الصلاة توقظ في الإِنسان الإِحساس بالمسؤولية والتقوى ومخافة الله ومعرفة الحقوق، وتذكره بالله وبمحكمة عدل الله، وتنفض عن قلبه غبار حبّ الذات وعبادة الذات! وتصرفه عن هذه الدنيا المحدودة والملوّثة إِلى عالم ما وراء الطبيعة، إِلى عالم الصالحات وتزكية النفس، ولذلك فهي تخلّصه من الشرك وعبادة الأصنام والتقليد الأعمى للسلف الجاهل وبخس الناس أشياءهم، وعن أنواع الغش والخداع ... الخ.

كما ينقدح هنا سؤال آخر، وهو: إِنّ قولهم لشعيب { إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ}هل كان كلاماً واقعياً من منطلق الإِيمان به، أم هو على سبيل الإِستهزاء والسخرية؟!

احتمل المفسّرون الوجهين ولكن مع ملاحظة أسلوب سؤالهم {أصلاتك تأمرك} الذي يستبطن الإِستهزاء، يظهر أنّ هذه الجملة على نحو الإِستهزاء، وهي إِشارة إِلى أنّ الإِنسان الحليم الرشيد هو من لم يتعجل القول أو الرأي في أمر دون أن يسبر غوره ويعرف كنهه، والإنسان العاقل الرشيد هو من لم يسحق سنن قومه تحت رجليه ويسلب حريتهم في التصرف بأموالهم، فيظهر أنّك لم تسبر غور الأُمور وليس لديك عقل حصيف وفكر عميق، لأنّ الفكر العميق والعقل يوجبان على الإِنسان ألاّ يرفع يده عن طريقة السلف، ولا يسلب من الآخرين الإِختيار وحرية العمل.

ولكن شعيباً ردّ على من اتّهمه بالسفه وقلّة العقل بكلام متين و { قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا}(2).

إنّه يريد أن يفهم قومه أنّ في عمله هذا هدفاً معنوياً وإِنسانياً وتربوياً، وأنّه يعرف حقائق لا يعرفها قومه، والإِنسان دائماً عدوّ ما جهل.

ومن الطريف أنّه في هذه الآيات يكرر عبارة {يا قوم} وذلك ليُعبّىء عواطفهم لقبول الحق وليشعرهم بأنّهم منه وأنّه منهم، سواء أكان المقصود بالقوم القبيلة أو الطائفة أو الجماعة أو الأُسرة، أم كان المقصود الجماعة التي كان يعيش وسطهم ويُعدّ جزءاً منهم.

ثمّ يضيف هذا النّبي العظيم قائلا: { وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ}فلا تتصوروا أنني أقول لكم لا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تنقصوا المكيال، وأنا أبخس الناس أو أنقص المكيال، أو أقول لكم لا تعبدوا الأوثان وأنا أفعل ذلك كلّه، كلا فإنّني لا أفعل شيئاً من ذلك أبداً.

ويستفاد من هذه الجملة أنّهم كانوا يتهمون شعيباً بأنّه كان يريد الربح لنفسه، ولهذا فهو ينفي هذا الموضوع صراحةً ويقول تعقيباً على ما سبق { إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ}.

وهذا هو هدف الأنبياء جميعاً، حيث كانوا يسعون إِلى إِصلاح العقيدة، وإِصلاح الأخلاق، وإِصلاح العمل، وإِصلاح العلائق والروابط الإِجتماعية وأنظمتها { وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ} للوصول إِلى هذا الهدف.

وعلى هذا فإِنني، ولأجل أداء رسالتي والوصول إِلى هذا الهدف الكبير { عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.

وأسعى للإِستعانة به على حل المشاكل، وأتوكل عليه في تحمّل الشدائد في هذا الطريق، وأعود إِليه أيضاً.

ثمّ ينبههم إِلى مسألة أخلاقية، وهي أنّه كثيراً ما يحدث للإِنسان أنّه لا يعرف مصالحه وينسى مصيره، وذلك بسبب بغضه وعدائه بالنسبة لشخص آخر أو التعصب الأعمى واللجاجة في شيء ما، فيقول لهم {ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي}فتبتلوا بما ابتلى به غيركم و{ أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ} وما حدث لقوم لوط من البلاء العظيم حيث أمطرهم الله بحجارة من سجيل منضود وقلب مدنهم فجعل عاليها سافلها {وما قوم لوط منكم ببعيد} فلا زمانهم بعيد عنكم كثيراً، ولا مكان حياتهم، كما أنّ أعمالكم وذنوبكم لا تقل عن أعمالهم وذنوبهم أيضاً.

و«مدين» التي كانت موطن شعيب لم تكن بعيدة عن موطن قوم لوط، لأنّ الموطنين كلاهما كانا من مناطق «الشامات» وإِذا كان بينهما فاصل زمني، فلم يكن الفاصل بالمقدار الذي يستدعي نسيان تأريخه، وأمّا من الناحية العملية فالفرق كبير بين الإِنحراف الجنسي الذي كان عليه قوم لوط والإِنحراف الإِقتصادي الذي كان عليه قوم شعيب، لكن كليهما يتشابهان في توليد الفساد في المجتمع والإِخلال بالنظام الإِجتماعي وإِماتة الفضائل الخُلقية وإِشاعة الإِنحراف، ومن هنا نجد في الرّوايات أحياناً مقارنة الدرهم الربوي المرتبط ـ بالطبع ـ بالمسائل الإِقتصادية بالزنا الذي هو تلوّث جنسي(3).

ثمّ يأمر شعيب قومه الضالين بشيئين هما في الواقع ما كان يؤكّد عليه جميع الأنبياء المتقدمين.

الأوّل: قوله: {واستغفروا ربّكم} أي لتطهروا من الذنوب وتجتنبوا الشرك وعبادة الأوثان والخيانة في المعاملات.

والثّاني: قوله: {ثمّ توبوا إِليه} أي ارجعوا إِليه.

والواقع أنّ الإِستغفار توقف في مسير الذنب وغسل النفس، والتوبة عودة إِلى الله الكمال المطلق.

واعلموا أنّه مهما يكن الذنب عظيماً والوزر ثقيلا فإنّ طريق العودة إِليه تعالى مفتوح وذلك لأنّ {ربّي رحيم ودود}.

وكلمة «الودود» صيغة مبالغة مشتقّة من الود ومعناه المحبّة، وذكر هذه الكلمة بعد كلمة «رحيم» إِشارة إِلى أنّ الله يلتفت بحكم رحمته إِلى المذنبين التائبين، بل هو إِضافة إِلى ذلك يحبّهم كثيراً لأنّ رحمته ومحبته هما الدافع لقبول الإِستغفار وتوبة العباد.

___________________________

1- تفسير الامثل،ناصر مكارم الشيرازي ،ج6،ص148-151.

2 ـ ينبغي الإِلتفات إِلى أنّ جزاء الجملة الشرطية محذوف هنا وتقديره هكذا، أفأعدل مع ذلك عمّا أنا عليه من عبادته وتبليغ دينه.

3 ـ ينبغي ذكر هذه المسألة أيضاً وهي أنّ جملة {لا يجرمنّكم} ذات احتمالين:

الأوّل: بمعنى لا يحملنكم، ففي هذه الصورة تكون على النحو التالي لا يجرمن فعل و{شقاقي} فاعله، و«كم» الضمير المتصل بالفعل مفعول به أوّل و{أن يصيبكم} مصدر مؤول مفعول ثان فيكون معنى الآية: يا قوم لا يحملنكم شقاقي {مخالفتكم إِياي} أن يصيبكم مصير كمصير قوم نوح وأمثالهم من الأقوام المذكورين.

الإِحتمال الثّاني: أنّ {لا يجرمنكم} أي لا يجرنكم إِلى الذنب والإِجرام، ففي هذه الصورة تكون الجملة على النحو التالي، و«لا يجرمن» فعلٌ و{شقاقي} فاعله و«كم» مفعوله و{أنى يصيبكم} نتيجته، ويكون معنى الآية كما ذكرناه في المتن.

 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .



قسم الشؤون الفكرية يصدر العدد الثامن والثلاثين من مجلة دراسات استشراقية
مجمع أبي الفضل العباس (عليه السلام) يستقبل الطلبة المشاركين في حفل التخرج المركزي
جامعة الكفيل تحيي ذكرى هدم مراقد أئمة البقيع (عليهم السلام)
الانتهاء من خياطة الأوشحة والأعلام الخاصة بالحفل المركزي لتخرج طلبة الجامعات