طريق الخير
المؤلف:
الخطيب الشيخ حسين انصاريان
المصدر:
الاُسرة ونظامها في الإسلام
الجزء والصفحة:
ص 383 ــ 384
2025-12-01
42
في مستهل الكلام من الضروري أن نعرج على مقطع من كلام نفيس وحكيم شع من قلب أمير المؤمنين (عليه السلام) لهداية الانسان والأخذ بيده نحو الخير، إذ قال (عليه السلام) مجيباً من سأله عن الخير: ليس الخير أن يكثر مالك وولدك، ولكن الخير أن يكثر علمك، وأن يعظم حلمك وأن تباهي الناس بعبادة ربك، فإن احسنت حمدت الله، وأن اسأت استغفرت الله ولا خير في الدنيا الا لرجلين، رجل أذنب ذنوباً فهو يتداركها بالتوبة، ورجل يسارع في الخيرات ولا يقل عمل مع التقوى وكيف يقل ما يتقبل (1).
لقد جرت الاشارة في هذه المقاطع إلى ثلاث حقائق هي: العلم والحلم وتسخيرهما لعبادة الله تعالى، وفى نهايتها جرى التنبيه إلى أن العلم والحلم والاستفادة منهما يجب أن يقترن بالورع عن الذنوب والاحتراز عن المعاصي كي تحظى بالقبول من لدن الباري عز وجل.
فالعلم الذي يفتقد صاحبه للتقوى، والحلم الذي لا يقترن بالورع عن المعاصي، والعبادة التي لا حظ للتقوى فيها ليس إلا مصدر للخسران والدمار وماء في غربال.
ان الذين تسلّقوا مدارج الرقي في هذه الدنيا انما كان وصولهم من خلال العلم والبصيرة والعبادة وتحليهم بالتوبة والتقوى والورع، أما الجهلة والبلداء ومن ضاقت صدورهم وتدنت قابلياتهم فهم عبّاد الأهواء والمنغمسون في وحل المعاصي والناكصون عن البر والاحسان، والعاطلون من الناس ومصادر الدمار والخسران.
على أية حالٍ، فيما يتعلق بحقوق الولد على والديه، يستفاد من هذه الجمل النورانية وجوب اطلاع الوالدين بادئ الأمر على مسؤولياتهم التي حددها الاسلام ازاء أولادهم ومن ثم التحلي بالحلم والتحمل في تطبيقها والعمل بتلك التعاليم حيث يعد عبادة عظيمة، والتباهي بها في السر، والتوجه إلى الله سبحانه بالحمد والثناء لما من به من توفيق للاهتمام بالأولاد واداء حقوقهم، وطلب المغفرة منه تعالى إذا ما بدر منهم تقصير في هذا المجال، والتزام التقوى على كافة الاصعدة، كي لا تذهب جهودهم ادراج الرياح.
لا شك في أن الاهتمام بالحقوق المترتبة للولد على الانسان والاجتهاد لأداء هذه الحقوق يعتبر عبادة لا تضاهى وخيراً وفيراً يناله المرء في الدنيا والآخرة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ شرح ابن أبي الحديد: ج 18، ص 250.
الاكثر قراءة في الآباء والأمهات
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة