الأثار التي خلفها بطليموس الرابع (سربيوم الاسكندرية)
المؤلف:
سليم حسن
المصدر:
موسوعة مصر القديمة
الجزء والصفحة:
ج15 ص 404 ــ 406
2025-11-01
59
عُثِر في أثناء الحفائر التي عُمِلت حديثًا، وهي التي أسفرت عن كشف معبد وحرم مقدس من عهد «بطليموس الثالث»، وهو معبد السربيوم الذي تحدثنا عنه فيما سبق. هذا، وقد عُثِر في الجزء الشرقي من هذا المعبد على محراب أقيم للإله «حربوخراد» وهو عبارة عن محراب مقطوع في الصخر على هيئة مستطيل، وقد دلت النقوش على أنه مُهدًى للإله «حربوخراد» بن «سرابيس» و«إزيس»، وهؤلاء الآلهة الثلاثة يؤلفون ثالوث الإسكندرية، ومساحة هذا المحراب هي 8٫80 أمتار في الطول من الجنوب إلى الشمال، وخمسة أمتار في العرض من الشرق إلى الغرب.
وتدل شواهد الأحوال على أنه كان في الأصل متصلًا بالجزء الأوسط من المعبد، والواقع أن وجود هذا المحراب هام؛ وذلك لأنه يؤكد ما جاء في نقوش وُجِدت في أماكن أخرى في «السربيوم» تشير إلى «سرابيس» والآلهة الذين معه في المعبد، وقد وجد في الأصل ثماني ودائع منفصلة الواحدة عن الأخرى، وكل وديعة كانت تحتوي على عشرة ألواح كانت قد وُضِعت كل اثنين معًا في كل ركن، وفيما يلي محتويات هذه الودائع:
الوديعة الأولى: وتحتوي على قطع من لوح من الطين، ولوح من البرنز مهشَّم كان يحتوي على نقوش إغريقية وهيروغليفية، ولوح من الزجاج المائل إلى الخضرة قاتم اللون، ولوح من الزجاج الأخضر القاتم أيضًا؛ ولوح من الزجاج المائل للزرقة لا يزال عليه بقايا بعض متون كُتِبت بالإغريقية والهيروغليفية، ولوح من الفضة عليه نقوش، وأخيرًا لوح من الذهب مساحته 10٫85 × 15 سنتيمترًا، ووزنه 13٫40 جرامًا، واللوح الأخير عليه متون بالإغريقية والهيروغليفية، وهاك النقش الإغريقي: الملك «بطليموس الرابع» ابن «الملك بطليموس الثالث» على حسب توجيه «سرابيس وإزيس». وهذا المتن إذن يدل على أن المحراب قد صنعه «بطليموس الرابع» ومن المحتمل أن ذلك كان نتيجة لحلم أُوحِي به إليه. أما المتن الهيروغليفي فهو كالمتن الإغريقي مع حذف عبارة «الإلهين المحسنين».
الوديعة الثالثة: وتحتوي على ودائع مؤلفة من ألواح مثل الوديعة الأولى.
الوديعة الثانية: وتحتوي على قطع صغيرة من لوحات من الفضة، والبرنز، والزجاج القاتم، والطين.
الوديعة الرابعة: وتحتوي على قطع صغيرة من ألواح من البرنز، والزجاج غير الشفيف. هذا، وقد أشرنا فيما سبق إلى ودائع أخرى في صورة ألواح نُقِش عليها اسم «بطليموس الرابع»، ومن المحتمل أن تمثال «حربو خرات»، الذي عُثِر على قاعدته المنقوشة حديثًا في الجزء الجنوبي من حرم السربيوم قد جيء بها من المحراب المكشوف عنه حديثًا، وفي الإسكندرية كذلك نعلم أن فردًا يُدعَى «أبوللونيوس» وأسرته قد أهدوا تمثالًا باسم الملك «بطليموس الرابع» وزوجه «أرسنوي» للآلهة دميتر و«كوري» والعدالة في حين نشاهد أن فردًا آخر من نفس المدينة يُدعَى «ديودوتوس» عمل إهداء باسم الملك، والملكة للإلهين «سرابيس» و«إزيس».
هذا ولدينا نقش إسكندري أهداه «بطليموس الرابع» للإلهة «إيهوديا» Euhodia إلهة السفر الحسن، والظاهر أنه قد عمل هذا الإهداء قبل سفره في الحملة السورية في ربيع عام 217ق.م وقد عاد الملك في الثاني عشر من أكتوبر من نفس العام منتصرًا، وتزوج بعدها بمدة قصيرة الملكة «أرسنوي» (1) ولما كانت الألواح التي عُثِر عليها حديثًا للملك من محراب «حربو خرات» لم يأت عليها ذكر «أرسنوي» فلا بد أن نسلِّم أنها مؤرَّخة بالوقت الذي كان فيه الملك أعزب.
هذا ونعلم مما جاء على لوحة «بتوم» الجديدة التي سُجِّل عليها منشور وضعه مجمع من الكهنة المصريين في «منف» في نوفمبر 217ق.م؛ أنه يشير إلى تماثيل أحضرها معه الملك «بطليموس الرابع» بوصفه زوج «أرسنوي» وقد أحضرها ثانية من «آسيا»؛ حيث كانت قد أُخِذت من مصر على يد الفرس، ويضيف أنه لأجل أن يحتفل بنصره فقد أعطى بعد عودته دخلًا كثيرًا لمعابد مصر، وكذلك أصلح أو جدَّد تماثيل الآلهة مهديًا من أجل ذلك، ومن أجل أمور أخرى، ذهبًا وأحجارًا كريمة، وكذلك صنع معدات معبد من ذهب وفضة، وعلى ذلك فإنه ليس من المستحيل أن ألواح الأساس لمحراب «حربو خرات»، وكذلك المحراب نفسه كانت فعلًا جزءًا من هبات الشكر، وأن الألواح نفسها كانت قد صُنِعت في الفترة القصيرة التي تقع بين عودته من سوريا وبين زواجه من «أرسنوي»، وعلى أية حال فإنه مهما يكن من أمر فإن مجمع الكهنة قد أمر، اعترافًا بفضل «بطليموس الرابع» لما قدَّمه من مساعدة للمعابد، بإقامة تمثال له وآخر للملكة، وكلاهما على الطراز المصري في كل معابد مصر الهامة، وكذلك بإقامة صورة للإله المحلي فضلًا عن ذلك، وأن تقام عند موائد القربات التي أقيم عندها تمثال الملك، ولا بد أن معبد «سرابيس» الإسكندري قد أفاد من هذا المنشور.
وفي ختام كلامنا عن محراب «حربو خرات» لا بد أن نذكر أن مؤسسه هو «بطليموس الرابع» قد قيل عنه في الأزمان المتأخرة: إنه أقام مبنًى هامًّا في الإسكندرية يحتوي على ضريح واسع؛ جمع فيه سويًّا أو أحاط كل مقابر أو بقايا أجداده بما في ذلك قبر الإسكندر الأكبر، أما أجداده هو فقد دُفِنوا في المقابر المجاورة، ويقال إن رماد «بطليموس الرابع» هذا وزوجه «أرسنوي» قد حُفِظ في إناءين جنَّازيَّين من الفضة (2).
......................................................
1- Bevan. Hist. P. 241, 228 note I. P. 230
2- Bull. De la Soc Royale d, Arch. d’Alex. XXV, PP. 144 ff; A.S. Cahier 2. P. 51 ff
الاكثر قراءة في العصور القديمة في مصر
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة