بعضُ دهاءِ الإعلامِ هوَ حماقةٌ مِن جهةٍ أُخرى، فحينَ تبردُ معنوياتُكَ تجاهَ شخصيةٍ رفيعةٍ تأتي مُساهِمةً بعنوانِ اتِّهامٍ أو تقليلٍ، لكنَّ سرعانَ ما ينقَلِبُ الأمرُ ويعودُ، وتأتي النتائجُ غيرَ مُتَوَقَّعة، فإنَّ مقصودَ بعضِ الصُّحُفِ أو المواقِعِ هوَ الانتشارُ والإثارةُ، لكنَّهما بحسبِ منظورِ الإعلامِ نفسِهِ لن تكونَ نتائجُهما طيّبةً طالما انتبهَ المُخاطَبُ للفكرةِ وعملَ ما يضدُّها تماماً.
كلُّ عَمَلٍ تسقيطيٍّ مُمَنهَجٍ ضدَّ المرجعيةِ يزيدُ في صلابةِ موقِفِ اتباعِها، ويزيدُ في قُوّةِ الرأيِ العامِ أمامَ تلكَ الأبواقِ ومصادِرِها، فنجوميّةُ السيّدِ لم تقتصرْ على الأجواءِ المَحلّيةِ بل عَبرتْ بتأثيرِها حدودَ المنطقةِ العربيةِ والإسلاميةِ الى العالميةِ؛ بفضلِ وَعيهِ ودِقّةِ عباراتِهِ ومَنهجِهِ المعتدلِ الواعي الذي أرساهُ منذُ أوّلِ أيامِ تصدّيهِ للشأنِ المرجعيِّ، ضعْ عبارةَ(السيستانيّ) وابحثْ عَنها في كلِّ المواقعِ العالميةِ.
ساهَمَتْ أبواقُ الفِتَنِ وحاوياتُ الصحافةِ بطريقةٍ أو بأُخرى بإيجادِ ردِّ فعلٍ يتناسَبُ معَ تلكَ الاسقاطاتِ والاتّهاماتِ، ممّا جعلَ اسمَ المرجعيةِ علامةً فارِقةً بقوّةِ تأثيرِها وسكوتِها عَنِ الإساءاتِ المُتكرِّرَةِ.
تعكَّزَتْ الكثيرُ مِنَ الصّحُفِ والمواقعِ والقنواتِ على اسمِ السيّدِ بالسَلبِ والإيجابِ وبالمَدح ِوالذَّمِ والنيلِ حَسبَ التوجُّهاتِ والمصادِرِ التي ترتبطُ بها تلكَ الجهاتُ!
إنَّ أكثرَ الأيّامِ مِحنةً وفوضويةً صمدَ بها نورُ السيستانيِّ ولمعَ نجمُهُ ولم تستطعْ أيُّ إضاءاتٍ صناعيّةٍ بتغطيةِ نورِ تأثيرِهِ، وما شَكَّلتْ بنفوذِها المتعدِّدِ أيَّ تأثيرٍ يُذكر.
إنَّ الهجماتِ المتكرِّرةَ مِن قِبَلِ البعضِ على المرجعيةِ هوَ نهجٌ طائفيٌّ وسياسيٌّ بامتيازٍ؛ فَهُمْ كمَعِدَةِ العِجلِ لنْ تنظفَ أبداً طالمَا يَجتَرُّ الحشيشَ كُلَّ يومٍ!
لقد اتَّضَحَ أنَّ الكُلَّ محتاجٌ الى هذا الرجلِ حتى أولئكَ الذينَ يحقِدونَ عليهِ؛ فإنَّهم بعدَ كُلِّ خبرٍ أو كُلِّ رَسمٍ يأخذونَ قِسطاً مِنَ الشُّهرةِ، وهوَ بذلكَ عطوفٌ لا يحقِدُ عليهم، فيترُكُهم يتمتعونَ ويمارسونَ هذا الدورَ الذي يعرِفُهُ صاحبُ الرَّسمِ بعدَ ساعةٍ مِن رَسمِهِ.
إنَّ السيّدَ كَمَّلَ نفسَهُ وهَذَّبَها فانعكسَ ذلكَ على شخصيّتِهِ وأتباعِهِ وسائرِ النّاسِ؛ فالجميعُ يأخذونَ مِنهُ مثلَ ما يرغبونَ، لكنّهُ يبقى علامةً فارِقةً في هذا العَصرِ على جميعِ الأصعِدةِ، دونَ أنْ تَقِلَّ قيمتُهُ، لا بأَعيُنِ ناظريهِ ولا بأعيُنِ أتباعِهِ ولا بأعيُنِ الأغيارِ.
عجيبٌ أمرُ هذا الرَّجُلِ، يَتجدَّدُ بعظمَتِهِ بِتَجَدُّدِ الاتِّهاماتِ!