قال ممثل المرجعية العليا في وكربلاء، والمتولي الشرعي لحرم أبي الفضل العباس عليه السلام،  السيد احمد الصافي , إن التربية ليست أمراً معقداً لكنها أيضاً ليست أمراً سهلا.
وأضاف خلال خطبته الأولى في صلاة الجمعة، من الصحن الحسيني الشريف، "التربية تحتاج إلى مواجهة وتعقل".
وقال الصافي، " الانسان يلعب ويغفل ولا يكترث على امل ان يتوب بعد أن يكبر، لكنه ويبقى في هذه الدوامة الى ان يأتيه الاجل وهو لا يستطيع ان يحرك ساكن".
 
وفي ما يلي النص كامل من الخطبة الاولى لصلاة الجمعة بإمامة السيد احمد الصافي في 8/جمادي الآخر/1437هـ الموافق 18/3/2016م:
كنّا في ضيافة الامام السجاد (عليه السلام) وهو يوجهنا في مدرسته التربوية (عليه السلام) وقلنا بخدمتكم انه ذكر في هذه الصحيفة الكريمة (الصحيفة السجادية) مجموعة من المعارف الالهية بثّها (عليه السلام) على شكل دعاء.. وقد تقدم شطر من الدعاء الواحد والثلاثين وهو الدعاء المختص بالتوبة..
يقول الامام السجاد (عليه السلام) في هذا الدعاء :
(هَذا مَقَامُ مَنْ تَدَاوَلَتْهُ أَيْدِي الذُّنُوبِ ، وَقَادَتْهُ أَزِمَّةُ الْخَطَايَا ، وَاسْتَحْوَذَ عَلَيْهِ الشَّيْطَانُ، فَقَصَّرَ عَمَّا أَمَرْتَ بِهِ تَفْرِيطَاً، وَتَعَاطى مَا نَهَيْتَ عَنْهُ تَعْزِيراً).
لاحظوا تعبير الامام (عليه السلام) البليغ من جهة البلاغة والواقع الذي نتعايشه في انفسنا يقول (عليه السلام) : (هَذا مَقَامُ مَنْ تَدَاوَلَتْهُ أَيْدِي الذُّنُوبِ)..
طبعاً تعبير الذنوب ان الذنوب لها ايدي نوع من انواع البلاغة في الاستعارات.. الانسان عندما يعترف امام الله تبارك وتعالى ماذا يعني ذلك ؟! الاعتراف بداية طيبة للإنسان امام الله لأننا اعترفنا ام لم نعترف الله تعالى مطلّع .. امام الله اعترفنا ام لم نعترف الله تعالى هو المطلّع .. لكن الانسان عندما يعترف امام الله تعالى هي بداية طيبة يعترف الانسان حتى يبدأ من جديد..
يعني انا كنت دائماً من ذنب الى آخر بحيث هذه المداولة اذنب ذنب وافرغ منه ويستلمني ذنب آخر وهكذا كما الكرة في ايدي الصبيان تتداولها ايدي الصبيان.. وهذا الاعتراف من العبد امام الله تبارك وتعالى هي حالة صحيّة..
اخواني الانسان غافل وبمجرد ان يلتفت يرى ان هناك حقائق مرعبة في حياة كل منا .. يقول الامام علي (عليه السلام) : (قيمة كل امرئ ما يُحسن).. اذا كنّا نائمين وغافلين ماذا نُحسن.. اذا كُنا بين ذنب وآخر ماذا نُحسن ؟!!
هذا الاعتراف اخواني مُربّي .. التربية ليست امراً معقداً لكنها ايضاً ليست امراً سهلا ً .. هي تحتاج الى مواجهة وتعقّل .. ترى الانسان دائماً يلعب ويغفل ولا يكترث على امل ان اكبر ثم اتوب .. ويبقى في هذه الدوامة الى ان يأتيه الاجل وهو لا يستطيع ان يحرك ساكن ..
الامام (عليه السلام) يقول: (هَذا مَقَامُ مَنْ تَدَاوَلَتْهُ أَيْدِي الذُّنُوبِ) .. لا تتصور ان الانسان بمجرد ان يشرب الخمر هذا ذنب وبقية الامور الحمد لله اني لم ارتكبها.. تأمل انك قد تكون اوزار حملتها على ظهرك الذنب ليس خمراً او فاحشة فقط.. هناك ذنوب تنهدّ لها الجبال.. الانسان لابد ان يلتفت ..
 (وَقَادَتْهُ أَزِمَّةُ الْخَطَايَا )
الزمام زمام الناقة عندما تسحب الناقة توجهها..هي زمام الخطايا يوجهه هذا لا يعلم اسرق وهذا لا يدري انتهك ويبدأ الانسان خصوصاً ما يتعلق بالعباد ويبدأ الانسان بهذا التعوّد على الذنوب.. ان الجوارح كلها عندما يُصبح الانسان تلتفت الى اللسان تستغيث نحن بذمتك هذا اللسان اعصمهُ..تريّث لا تنطق بشيء .. نحن مأمورون اذا رأينا شيء نستره ولسنا مأمورين اذا لم نرَ شيئاً نعلنه..
ثم يقول الامام (عليه السلام) : (وَاسْتَحْوَذَ عَلَيْهِ الشَّيْطَانُ)
حقيقة هذا التعبير (وَاسْتَحْوَذَ عَلَيْهِ الشَّيْطَانُ) صار هذا المذنب تحت يد الشيطان استحوذ وسيطر عليه بحيث بدأ يوجهه بهذه الوجهة او هذه الوجهة.. هذه حقيقة الانسان المذنب.. بعض الذنوب فيها مشاكل تراه يتحدث امام مجموعة من الناس وينال من فلان وفلان وهؤلاء سمعوه وذهبوا الى مجالسهم وبعضهم سافر الى بلاد بعيدة وايضاً تحدثّوا بها .. هذا كم ذنب يُحسب.. كيف الانسان يتعامل مع الله تعالى خصوصاً الذي تعوّد .. وكلما مشى العمر بنا وكنا متعودين على شيء صرنا اكثر لصوق لذلك الشيء.. ولذلك اخواني التوبة فقهاً واخلاقاً لا يستحسن ان تؤجل وانما ان تكون فوراً ..الانسان قد يقول انني ليس عندي ذنوب .. ان شاءا لله ليس عندك ذنوب ولكنك لم تتدقق لو تحسب الامور حساباً جيداً .. اذن اخواني نحن في مشكلة حقيقية وهذه المشكلة يمكن حلّها وهو بالرجوع الى الله تعالى وان نفر الى الله تعالى والامام (عليه السلام) يريد ان يربينا في هذا الدعاء يقول : لابد ان نعترف ونتهيأ نفسياً لقبول الرحمة .. في الدعاء الشريف نحتاج شيء من الله تعالى نحن نريد ان نبين انفسنا وان نسعى وان نتملق الى الله تعالى ..
لابد ان نخطو الخطوة الاولى والامام (عليه السلام) يقول لابد ان نعترف وان نتوب..
ثم يقول الامام (عليه السلام) : (فَقَصَّرَ عَمَّا أَمَرْتَ بِهِ تَفْرِيطَاً).
تفريطاً (تضييع) والانسان قصّر.. الانسان يقصّر عندما يمر بحالة الابتعاد عن الله تبارك وتعالى ..
ثم يقول الامام (عليه السلام) : (وَتَعَاطى مَا نَهَيْتَ عَنْهُ تَعْزِيراً)..
بتعبير آخر الانسان وقع في ورطة وهذه فيها هلكة وهو الان اصبح موطن الخسارة.. الخطايا تناولته والذنوب تقصير بالنتيجة هناك حقوق لله تبارك وتعالى لم يكترث بها فأصبح بعد ذلك كالجاهل بقدرتك عليه..او كالمنكر فضل احسانك عليه..
الله تعالى هدانا واوجدنا وافاض علينا هذه الرحمات كأننا ننكر .. الله هو الرازق والمعطي ونحن نتمسح بأذيال الشيطان ونبتعد عن الله تبارك وتعالى.. الله هو رحمة وعادته الاحسان وان يعطي لكن المشكلة فينا نحن الذين لا نعرف كيف نتعامل مع رزق الله تعالى..
نسأل الله تعالى ان يجعلنا من التوابين وان يقبل الله تعالى توبتنا وان تشملنا رحمة الله تبارك وتعالى والحمد لله رب العالمين ..