المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية
Untitled Document
أبحث في الأخبار


طمأنينة الروح في ظل الإِيمان


  

1715       07:07 مساءاً       التاريخ: 9-10-2014              المصدر: ناصر مكارم الشيرازي

أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-04-2015 1705
التاريخ: 4-1-2023 792
التاريخ: 7-12-2015 1704
التاريخ: 2023-07-09 1138
التاريخ: 8-7-2016 3108
بيّنت هذه الآيات {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } [يونس : 62 - 64] حال المؤمنين المخلصين المجاهدين المتقين الذين يقعون في الطرف المقابل لأُولئكَ تماماً ، حتى يعرف النور من الظلمة ، والسعادة من الشقاء من خلال المقارنة بينهم كما هو شأن القرآن وطريقته دائماً.
تقول الآية أوّلا : {ألا إِنّ أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون} ومن أجل فهم دقيق لمحتوى هذا الكلام لابدّ أن نعرف معنى الأولياء جيداً.
«الأولياء» جمع ولي ، وقد أخذت في الأصل من مادة : ولي ، يلي ، بمعنى عدم وجود واسطة بين شيئين ، وتقاربهما وتتابعهما ، ولهذا يطلق على كل شيء له نسبة القرابة والقرب من شيء آخر سواء كان من جهة المكان أو الزمان أو النسب أو المقام ، بأنّه ولي ، ومن هنا استعملت هذه الكلمة بمعنى الرئيس والصديق وأمثال ذلك.
بناءً على هذا ، فإِنّ أولياء الله هم الذين لا يوجد حاجب وحائل بينهم وبين الله ، فقد زالت الحجب عن قلوبهم ويتقلبون في نور المعرفة والإِيمان والعمل الخالص ، و يرون الله بعيون قلوبهم بحيث لا يجد الشك أي طريق إِلى تلك القلوب الوالهة ، وبالنظر لهذه المعرفة بالله الأزلي والقدرة اللامحدودة والكمال المطلق ، فإِنّ كل شيء سوى الله حقير في نظرهم ولا قيمة له ، وفان لا أهمية له.
إِنّ من يرى المحيط يزهد في القطرة ، ومن ينظر الى نور الشمس لا يهتم بنور الشمعة.
ومن هنا يتّضح أنّ هؤلاء لماذا لا يخافون ، لأنّ الخوف ينشأ عادة من احتمال فقدان النعم التي يمتلكها الإِنسان ، أو من الأخطار التي يمكن أن تهدده في المستقبل ، كما إِنّ الغم والهم يرتبط عادة بما يتعلق بالماضي ، ويستولي على الإِنسان نتيجة فقدانه لإِمكانيات وثروات كانت تحت يده.
إِنّ أولياء وأحباء الله الحقيقيين متحررون من كل أشكال الإِرتباط والتعلق بعالم المادة ، ويحكم «الزهد» بمعناه الحقيقي وجودهم ، فهم لا يجزعون من فقدان الممتلكات المادية ولا يخافون من المستقبل ، ولا يشغلون أفكارهم بمثل هذه المسائل. وبناءً على ذلك فإِن الغموم والأخاويف التي ترتبط بالماضي والمستقبل ، والتي تجعل الآخرين في حال اضطراب وقلق دائم ، لا سبيل لها إِلى وجود هؤلاء.
إِنّ الماء في الإناء الصغير قد يهتز من نفخة إِنسان ، لكن المحيط الكبير لا يتأثر حتى بالعاصفة ، ولذلك سمّوه المحيط الهادي : {لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} [الحديد : 23]. فلم يكن لهم تعلّق بما كان في ايديهم سابقاً ، ولا يصيبهم الغم والحزن في اليوم الذي سيفارقونه ، فإِنّ روحهم أكبر ، وفكرهم أسمى من أن تؤثر فيهم مثل هذه الحوادث في الماضي والمستقبل.
على هذا الأساس فإِنّ الأمن والطمأنينة الواقعية هي الحاكمة على وجودهم ، وعلى حدّ قول القرآن : {أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ} [الأنعام : 82] ، وبتعبير آخر : {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد : 28].
والخلاصة هي أنّ الحزن والخوف عند البشر يتولّدان عادة من حبّ الدنيا ، فمن الطبيعي أن لا يصيب هؤلاء الذين نفضوا ايديهم وقلوبهم من حبها خوف ، أو حزن.
كان هذا هو البيان الإِستدلالي للمسألة ، وقد يعرض هذا الموضوع أحياناً ببيان آخر يتحذ شكلا عرفانياً بهذه الصورة :
إِنّ أولياء الله غارقون في صفات جماله وجلاله ، وذائبون في مشاهدة ذاته المقدسة إِلى الحد نسوا كل شيء غيره ، ومعلوم أنّ الغم والحزن والخوف والوحشة تحتاج حتماً إِلى تصور فقدان وخسارة شيء ما ، أو مواجهة عدو أو موجود خطر ، فمن لم يجعل لغير الله مكاناً في قلبه ولا طريقاً الى فكره ، ولا يقبل في روحه إِله غيره ، كيف يمكن أن يغتم ويخاف ويستوحش؟
لقد اتّضحت ممّا قلناه هذه الحقيقة أيضاً ، وهي أنّ المقصود من الغموم هي الغموم المادية والأخاويف الدنيوية ، وإِلاّ فإِنّ وجود أولياء الله مملوء بالخوف والخشية .. الخوف من عدم أداء الواجبات والمسؤولية. والأسف والحسرة على أن يكون قد فاتهم شيء من الموفقية ، ولهذا الخوف والحسرة صفة معنوية ، فهما أساس تكامل وجود الإِنسان ورقيّه ، بعكس الخوف والحزن الدنيويين فهما أساس الإِنحطاط والتسافل. يقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبته المعروفة مع همام ، حيث يجسد فيها حالات أولياء الله في أرقى وصف : «قلوبهم محزونة ، وشرورهم مأمونة» ، ثمّ يقول : «ولولا الأجل الذي كتب الله عليهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين ، شوقاً إِلى الثواب ، وخوفاً من العقاب»(1).
ويقول القرآن المجيد ـ أيضاً ـ في شأن المؤمنين : {الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ} [الأنبياء : 49] (2). وبناء على ذلك فإِنّ لهؤلاء خوفاً آخر.
هناك بحث بين المفسّرين فيمن هم المقصودون من أولياء الله ، إلاّ أنّ الآية الثّانية وضحت المطلب وأنهت النقاش ، فهي تقول : (الذين آمنوا وكانوا يتقون).
الملفت للنظر أنّها ذكرت الإِيمان بصيغة الفعل الماضي المطلق ، والتقوى بصيغة الماضي الإِستمراري ، وهذا إِشارة إِلى أنّ إِيمان هؤلاء قد بلغ حد الكمال ، إلاّ أن التقوى التي تنعكس في العمل اليومي ، وتتطلب كل يوم وكل ساعة عملا جديداً ، ولها صفة تدريجية ، فإِنّها قد ظهرت على هؤلاء بصورة برنامج دائمي و مسؤولية متواصلة.
نعم .. إِنّ الذين يرتكزون على هذين الركنين الأساسيين : الدين والشخصية ، يحسون بدرجة من الطمأنينة داخل أرواحهم بحيث لا تهزهم أية عاصفة من عواصف الحياة. بل يقفون أمامها كالجبل ، كما وصفهم الحديث : «المؤمن كالجبل الراسخ لا تحركه العواصف».
وتوكّد الآية الثّالثة على مسألة عدم وجود الخوف والغم والوحشة في شخصية وقلوب أولياء الحق بهذه العبارة : (لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة) وعلى هذا فهم ليسوا خالين من الخوف والغم وحسب ، بل إِنّ البشارة والفرحة والسرور بالنعم الكثيرة والمواهب الإِلهية ألا محدودة في هذه الدنيا والآخرة من نصيبهم. (ينبغي الانتباه إِلى أن البشرى قد ذكرت مع ألف ولام الجنس بصورة مطلقة ، فهي تشمل أنواع البشارات).
ثمّ تضيف من أجل التأكيد أيضاً : (لا تبديل لكلمات الله) بل هي ثابتة حقّة ، وأن الله سبحانه سيفي بما وعد به أولياءه ، و (ذلك هو الفوز العظيم).
وحولت الآية الخطاب إِلى النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) يمثل رأس سلسلة أولياء الله وأحبائه مخاطبةً له بلحن المواساة وتسلية الخاطر : (ولا يحزنك قولهم إِنّ العزّة لله جميعاً) ولا يمكن أن يقوم العدو بعمل مقابل إِرادة الحق ، فإِنّه تعالى عالم بكل خططهم ودسائسهم. فـ(هو السميع العليم).
_________________
1- نهج البلاغة ، الخطبة 193 .
2- اصول الكافي ، ج2 ، ص 241 ؛ وشرح اصول الكافي ، للمولى محمد صالح المازندراني ، ج9 ، ص 181 .


Untitled Document
د. فاضل حسن شريف
كتاب الامام الباقر عليه السلام للشيخ الكعبي والقرآن...
حسن الهاشمي
الآثار الوضعية للذنوب... معالجة الاسلام لآفة الزنا (14)
د. فاضل حسن شريف
كتاب الامام الباقر عليه السلام للشيخ الكعبي والقرآن...
محمدعلي حسن
لا تعجب بعملك
د. فاضل حسن شريف
آيات قرآنية في كتاب مناسك الحج للسيد السيستاني (ح 2)
إسلام سعدون النصراوي
زواج النورين
د. فاضل حسن شريف
كتاب الحج للشيخ السبحاني والقرآن الكريم (ح 7)
عبد الهادي حسني
أسعد الناس
د. فاضل حسن شريف
مفاهيم من دعاء يوم دحو الارض (ح 11) (اهل البيت الأطهار)
حسن الهاشمي
الآثار الوضعية للذنوب... معطيات الزواج وتداعيات الزنا...
د. فاضل حسن شريف
مفاهيم من دعاء يوم دحو الارض (ح 10) (اهل البيت الأطهار)
حسن الهاشمي
رفقا بالفرقة الناجية؟!
أقلام بمختلف الألوان
جوائز مسابقة كنز المعرفة لشهر أيّار 2024
منتظر جعفر الموسوي
ما الفرق بين موازنة البرامج وموازنة البنود؟