الكنعانيون وفدوا مع الاموريين في هجرة واحدة من شبه الجزيرة العربية في حوالي منتصف الالف الثالث قبل الميلاد المجموعتان الامورية والكنعانية تنتميان الى اصل واحد وهم متشابهون الى حد بعيد.

والكنعانيون هم الجماعة السامية الثانية التي قامت بدور هام في تاريخ وحضارة الاقليم السوري.

وقد اختلف المؤرخون حول اصل تسمية الكنعانيين فالبعض يتجه الى ان كلمة كنعان سامية في الاصل وانها اسم الجد الاول للكنعانيين الذين سمو بهذا الاسم نسبة اليه وذلك تبعا لعادة العرب في تسمية قبائلهم ويتجه اصحاب هذا الراي الى ان الكنعانيين كانوا يقيمون في ارض سهلة على ساحل الخليج العربي التي نسبت البهم وسميت بارض كنعان وعند هجرتهم الى بلاد الشام كان يحملون هذا الاسم واعطوه الى وطنهم الجديد الذي نزلوا فيه .

ويرى اخرون ان كلمة كنعان مشتقة من كلمة اخرى سامية تعني الارض المنخفضة فسموا بالكنعانيين بمعنى سكان الارض المنخفضة ويتفق هذا المعنى مع الاصل العبري لكلمة كنعان وتعني منخفض وتسمية الكنعانيين تعني (سكان المنخفض) وفي رأي اخرين ان اصل كلمة كنعان مشتقة من كلمة حورية هي كناجي وتعني الصباغة القرمزية التي اشتهروا بها واطلق الحوريون عليهم هذه التسمية عندما اتصلوا ببلادهم في القرن الثامن عشر او السابع عشر قبل الميلاد.

وهذه التسمية اطلقها الاغريق على الفينيقيين الذين يمتون الى شعب سامي واحد مع الكنعانيين.

وهنالك راي اخر ذكرة هيرودوت نقلا عن الفينيقيين انفسهم انهم مهاجرون من اريتريا وانهم وصلوا الى الاراضي الصخرية في شمال الحجاز ومنها دخلوا الى اقليم النقب في جنوب فلسطين ثم استقروا في سواحل لبنان وسوريا.

المدن الكنعانية:

لم يتمكن الكنعانيون من تأسيس دولة قوية موحدة بسبب طبيعة المنطقة التي عاشوا بها والتي كانت محا اطماع الدول الكبرى في هذه الفترة وهي مصر وبلاد ما بين النهرين واسيا الصغرى.

وعلى ذلك انتظم الكنعانيون في جماعات صغيرة على راس كل مجموعة ملك وتجمعوا في مدن محصنة في السهول غالبا وتحيط بها اسوار ذات شرف وابراج للدفاع عنها كما تحيط بها مناطق زراعية تابعة لها. وفي وقت الخطر كان سكان الارياف يلجأون الى هذه المدن المحصنة للاحتماء بها.

وبعض الجماعات احتلت جزر صغيرة في مواجهة مدنها الساحلية وكانت تلجأ الى هذه الجزر المحصنة عندما يشتد هجوم الاعداء عليها وكان ذلك يساعدها على الصمود امام الاعداء طويلا ومقاومة الحصار لسنوات طويلة.

وقد انتشرت المدن الكنعانية او الفينيقية على طول الساحل من جبل كاسيوس في الشمال الى جبل الكرمل في الجنوب حيث كانت هذه الجبال تمثل درعا واقيا ضد هجمات الغزاة.

ومن اقدم هذه المدن اوجاريت وتقع في شمال الساحل السوري ومنها ارواد التي اطلق عليها الصليبيون اسم طرطوس ومنهل جبيل وصور وصيدا وعكا. وكثيرا ما كان يحدث النزاع بين هذه المدن وتنشب الحروب بينها وقد تحصل احدها على مركز الزعامة وتتمتع بنوع من السيادة على المدن الاخرى ومنها مدينة اوجاريت التي كانت لها السيادة في اواخر القرن السادس عشر ق.م.

وفي كثير من هذه الاحيان كانت هذه المدن تتحد فيما بينها لمواجهة هجمات الشعوب الاخرى ولكن هذه الاحلاف لم تكن تستمر طويلا بعد ذلك لان بعض المدن كانت تسعى للحصول على مكاسب خاصة على حساب المدن الاخرى. ومن اشهر هذه المحالفات ذلك الحلف المشهور بزعامة امير قادش الذي ضم 330 اميرا  بجيوشهم واشتبك معهم الملك المصري تحوتمس الثالث بجيوشه عند مدينة مجدو بفلسطين في حوالي عام 1468ق.م، والحق بهم هزيمة منكرة وقضى بذلك على هذا الحلف.