المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


نطاق تقييد الحكم الجنائي الصادر بالبراءة لسلطة التأديب  
  
3799   12:39 صباحاً   التاريخ: 12-8-2021
المؤلف : محمد مصطفى أذياب ابو بكر
الكتاب أو المصدر : نطاق تقييد السلطة التأديبية بالحكم الجنائي في القانون الليبي
الجزء والصفحة : ص210-222
القسم : القانون / القانون العام / القانون الاداري و القضاء الاداري / القانون الاداري /

إن الحكم الجنائي الصادر بالبراءة ، ليست له حجية مطلقة ، وإنما حجيته قاصرة على الأساس الذي استند عليه في إصدار الحكم بالبراءة؛ وذلك لأن الحكم الجنائي الصادر بالبراءة هو مقرر لحالة قائمة قبل صدوره ، بإعمال القاعدة القائلة إن الأصل في الإنسان البراءة ، وأن المتهم برئ حتى تثبت إدانته، والمبدأ الشرعي "أدرأوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم فإن وجدتم للمسلم مخرجا فخلو سبيله " لأن الإمام لأن يخطي في العفو خيرا من أن يخطي في العقوبة" صدق رسول الله صلى الله عليه واله وسلم .

وحكم البراءة رغم حجيته إلا أنها لا تؤدي حالة ومباشرة إلى امتناع التأديب عن وقائع أخرى لم يتناولها الحكم . كما أنه يكفي في المحكمة الجنائية في أن يشك القاضي في إسناد التهمة إلى المتهم لكي يقضي له بالبراءة إذ مرجع الأمر في ذلك إلى اقتناعه هو وإلى ما ينتهي إليه في شأن تقدير الدليل ما دام أنه أحاط بالدعوى ومحص واقعتها ووقف على ظروفها وبذلك قضت محكمتنا العليا بجلسة 25/11/1980 (1) .

 الأسباب التي يؤسس عليها حكم البراءة :

حكم البراءة يكون مؤسسة إما على انتفاء الواقعة، أو التهمة، أو قد يكون مؤسسة على أسباب جنائية بحته كبطلان الإجراءات الجنائية المتطلبة في الضبط أو التفتيش وكذلك في حال تخلف أحد أركان الجريمة ويكون هذا الركن غير متطلب في المخالفة التأديبية ، كما يصدر حكم البراءة على أساس عدم كفاية الأدلة أو الشك فيها ، أو شيوع التهمة وهذه الأسباب سوف نتناولها بالتفصيل.

1. حكم البراءة المؤسس على انتقاء الواقعة ( انتفاء التهمة ): تنتفي التهمة إذا ثبت أنها لم تقع أصلا ، كذلك إن وقعت الجريمة ولكنها لم تنسب إلى المتهم ، كأن تنسب ضد مجهول ، ومن ثم تكون منتقية في حق المتهم ، كما تنتفي التهمة إذا وقع الفعل ، ولكن لم يترتب عليه الضرر في الحالات التي يكون الضرر ركن من أركان الجريمة . ولقد أجمع الفقه والقضاء على حجية الحكم الجنائي الصادر بالبراءة إذا كان مؤسسة على انعدام الوجود المادي للوقائع أمام سلطات التأديب ، ومن ثم لا تملك سلطة التأديب أن تقر بوجود نفس الوقائع ، دون أن يحول ذلك من حقها في تقدير سلوك الموظف مادام أنه ليس هناك ثمة تعارض بين البراءة الجنائية ومؤاخذة الموظف تأديبية عن أمور أخرى مستقلة عن الاتهام الجنائي ، كأن يكون قد وضع نفسه في موضع الشبهات .

القضاء الفرنسي: قضى مجلس الدولة الفرنسي بأنه ( حيث ينفي الحكم بالبراءة الوجود المادي للفعل المنسوب للمتهم ، فإن هذا الحكم الجنائي تكون له حجية نهائية ، فيقيد القاضي الإداري ، ويستطيع الموظف الذي عوقب تأديبية رغم الحكم ببراعته جنائية أن يطلب الحكم بإلغاء الجزاء التأديبي الذي توقع عليه لنفس الأخطاء التي حوكمت جنائية ، لأنها تكون قد فقدت الأساس القانوني ، ولم تعد ترتكز على وقائع صحيحة مادية ، وما في تجاوز السلطة ملزم بأن يحكم بإلغاء هذا الجزاء ، إذا كان قد وقع على نفس الفعل الذي كان محلا للمساءلتين التأديبية والجنائية على حد سواء ) .(2)  

القضاء الليبي: جاء في حكم المحكمة العليا بجلسة 19/1/2003  م بأنه ( انتفاء الجريمة لا يعني انتفاء مخالفة الفعل المرتكب للقواعد والنظم المتعلقة بممارسة الوظيفة، أو المهنة واستحقاق مرتكبها العقوبات التأديبية). أي أن انتفاء الجريمة لا يعني عدم توقيع العقوبة إذا كانت تلك الأفعال تشكل مخالفة للواجبات الوظيفية . وأن الحكم بانتفاء التهمة بأنها لم تقع وهي نفس التهمة المقدمة للسلطات التأديبية فإن المجلس التأديبي يتقيد بها وبذلك قرر المجلس التأديبي للمخالفات المالية بنغازي في الدعوى التأديبية رقم (20/ 2009 م ) رقابة ( 5۳ / 2000م ) جلسة 2/6/2008  م بأنه ( حيث قدموا الحكم الجنائي رقم 333/2005 الصادر من محكمة جنوب بنغازي الجزئية بتاريخ 7/8/2006 القاضي بالبراءة  المؤسسة على عدم صحة الواقعة، وأرفق معه شهادة من قلم المحكمة بعدم الطعن عليه في المواعيد المقررة، والمجلس بمطابقة الحكم الجنائي رقم 333/2005 الصادر من محكمة جنوب بنغازي الجزئية ،وتبين للمجلس أن الحكم صدر في دعوى عمومية وكان فاصلا في موضوعها بحكم بات الانتهاء مواعيد الطعن عليه وهي ذات الواقعة المعروضة على هذا المجلس وكان فصل الحكم في الموضوع بالبراءة المؤسس على عدم صحة الواقعة أو انتفائها طبقا لنص المادة (417) إجراءات له حجية الشيء المحكوم فيه أمام القضاء المدني ..... وأن هذه الحجية لم ترد قاصرة على القضاء المدني حيث أجمع الفقه على إعمالها في مجال القضاء التأديبي ...... عليه قرر المجلس ببراءة المتهمين عما أسند إليهم .... الانتفاء هذه الوقائع بأكملها في الحكم الجنائي السابق البيان ) (3).

2. حكم البراءة المؤسس على أسباب جنائية بحتة :  

هي أحكام لا تتناول الوقائع المكونة للفعل، وإنما تتناول الضوابط الإجرائية فقط ولذلك لا تتقيد بها سلطة التأديب كتخلف ركن من أركان الجريمة الجنائية ، أو التكييف القانوني للفعل ، أو إغفال ضوابط معينة في الإجراءات الجنائية سواء في التفتيش أو الضبط ، بحيث يبطل الإجراء ، باعتبار أن ما بني على باطل فهو باطل ، وكذلك عدم العقاب، أو عدم التجريم في قانون العقوبات ، وكذلك الشك في الواقعة ، والشك لا يعني أن الواقعة ليست مؤسسة أو ثابتة على وجه قاطع. وغيرها من الأسباب والتي سوف نتناولها وفقا لرأي القضاء بها على النحو الآتي.  

أ- حكم البراءة المؤسس على تخلف ركن من أركان الجريمة الجنائية : :

لا يعني تخلف ركن من أركان الجريمة الجنائية إن الفعل المنسوب للموظف ليست له صفة جنائية ، ولا ينفي الحكم الجنائي وقوع الفعل ، ولكنه لا يصلح لقيام الجريمة ، كانتفاء القصد الجنائي في الجرائم العمدية، أو انتفاء الخطأ الجنائي في الجرائم الغير العمدية، ولا ينفي الصفة الإجرامية ، وبالتالي لا يمنع من أن تكون هذه الوقائع جريمة تأديبية . فبالنسبة للجرائم العمدية إذا نفي الحكم عن المتهم توافر القصد الجنائي ، فإن ذلك لا يعني انتفاء الخطأ ، كالإهمال أو عدم الحيطة ، فيجوز المعاقبة رغم البراءة إذا ثبت لديها وقوع خطا غير عمدي من قبل الموظف؛ وذلك لأن القاضي الجنائي يلتزم تكييف المحكمة الجنائية للجريمة العمدية إلا أن هذا لا يمنع من قبول أدلة تفيد وقوع الإهمال المرتب للمسؤولية التقصيرية ، فإذا حكمت المحكمة الجنائية بالبراءة العدم ثبوت ركن الاحتيال في جريمة النصب ، فإن للمجلس التأديبي قبول أدلة تفيد ارتكاب الموظف غش، أو تدليس رتب ضرر بالمال العام . كذلك تلزم المادة (24) من قانون الجرائم الاقتصادية بشأن جريمة إساءة استعمال السلطة لنفع الغير، أو الإضرار به توافر القصد الجنائي وبالتالي فإن حكم البراءة المبني على عدم توافر القصد الجنائي لا يقيد مجلس التأديب وبذلك قرر المجلس التأديبي للمخالفات المالية بنغازي في الدعوى التأديبية رقم (2/2009  )  رقابة ( 456 / 2001م ) بجلسة 4/5/2009  م حيث جاء في حيثيات القرار بأنه (لا ينال مما تقدم تبرير المتهم لما بدر منه بأنه كان من قبيل الخطأ الغير مقصود؛ ، ذلك أن الخطأ هو القاعدة العامة في التجريم التأديبي خلافا للتجريم الجنائي الذي يبني في الأصل على العمد ، كما لا يقدح في ذلك صدور حكم ببراءة المتهم في الشق الجنائي من الواقعة ، وذلك للاستقلال القائم حتما بين الجريمة الجنائية؛ والجريمة التأديبية في الأركان؛ والوصف؛ والإجراءات ، فبينما تبحث الجريمة التأديبية في سلوك الموظف إدارية وفي مدى إخلاله بواجبات وظيفته ، ينصب البحث في الجريمة الجنائية على ما يعد خروجا من المتهم على المجتمع في ما تنهى عنه القوانين العقابية، أو تأمر به ، فالاستقلال قائم حتى ولو كان ثمة ارتباط بين الجريمتين ، إذ ينبغي على السلطة التأديبية الأ تتقيد في تكييفها للوقائع بقواعد وضوابط قانون العقوبات، وإنما يتعين عليها استخلاص الخطة التأديبي من الواقعة المكونة للجريمة التأديبية، وإخضاعها للوصف القانوني على النحو المفهوم في المجال الإداري ، وهو النظام القانوني الواجب التطبيق ، ومتى كان ذلك وكان الثابت من اعتراف المتهم، ومن أقوال الشاهد المشار إليه تلاعب المتهم في كشوف أقساط القروض العقارية الخاصة بالمتقاعدين عن طريق ادراج اسم شخص ليس من بينهم ولديه تعامل سابق معه يتمثل في شراء المنزل المسدد عنه الأقساط المحالة بالكشوف المذكورة ، فإن ذلك مما يقوم به التزوير والنصب بمفهومه الإداري ، المشكل للمخالفة المالية الواردة في قرار الاتهام وذلك نتيجة تلاعب المتهم بوصفه الموظف المسؤول عن تلك الكشوفات وحيث أن المجلس يخلص من مجمل ما تقدم إلى إدانة المتهم عن المخالفة المالية المسندة إليه على الوجه السالف البيان ).(4) أما الجرائم الغير عمدية كالإهمال والخطأ فإن حكم القاضي بالبراءة لانتفاء ركن الخطأ تكون له حجيته .

ب . حكم البراءة لانقضاء الدعوى بالتقادم هذا الحكم لا يلزم السلطة التأديبية:

 ولا يحدث كثيرة؛ لأن تقادم الدعوى الجنائية بالنسبة للقانون الليبي قد تم إلغاء التقادم في الجنايات أما بالنسبة للتشريع المصري أو الفرنسي فإن التقادم لا يحسب إلا باتخاذ إجراء فاصل في الدعوى الجنائية .

ج. حكم البراءة المؤسسة على التكييف الجنائي:

قضاء المحكمة الإدارية العليا بمصر قد قضى بعدم تقيد جهة التأديب بالتكييف القانوني للوقائع محل المؤاخذة ، في أحد أحكامه وفي حكم آخر بأن التقيد بالحكم الجنائي لا يكون إلا فيما فصل فيه من وقائع دون القانون ، وكذلك الوصف القانوني فإن الأوصاف الجنائية التي أوردها قانون العقوبات في عديد من الجرائم يحكم القاضي بالبراءة لسبب تخلفها فإن هذا الحكم لا يقيد سلطة التأديب، وبالتالي تستطيع أن توقع الجزاء التأديبي على نفس الفعل الذي تخلف فيه الوصف الجنائي الخاص ، باعتباره مكونة لجريمة تأديبية مثل جريمة هتك العرض بالإكراه فقد يبرئ الجاني لعدم توافر ركن الإكراه ولكن يمكن أن يحاسب تأديبية عن ذات الفعل.

د. حكم البراءة المؤسس على بطلان الدليل أو الإجراءات:

 في التشريع الفرنسي :

نصت المادة (123) إجراءات بأنه ( إذا أهدرت المحكمة الدليل المستمد من إجراء باطل ، مالم يكن هناك سواه قبل المتهم فإنها تقضي ببراءته ) . ويكاد الفقه التأديبي يجمع على أن الحكم الجنائي بالبراءة لبطلان الإجراءات ليس له قوه أمام سلطات التأديب؛ لأن سبب البراءة جنائي محض. إلا أن الفقه التأديبي في اعتماده على الدليل المستمد من إجراء غير مشروع في تأديب الموظف يتناقض مع نفسه، إلا أنني لا أرى أن السلطة التأديبية لم تتقيد بالحكم الجنائي ، الصادر بالبراءة لبطلان الإجراءات لأنها استندت على إجراءات تمت بالمخالفة لقانون الإجراءات الجنائية ، وإنما لأنها مقتنعة بقيام الموظف بارتكاب المخالفة ، إلا أنه تمت تبرئته جنائيا ، لسبب خطأ قام به من أتخذ الإجراءات بالمخالفة لقانون الإجراءات ، وبالتالي لا يمنع هذا من مساءلته تأديبية، إلا إذا كان النظام التأديبي نفسه يتطلب إتباع نفس الإجراء الذي وقع بالمخالفة. في التشريع الليبي : بالنسبة لبطلان الإجراء ففي حكم في الطعن الإداري رقم ( 75/47 ق) جلسة 14/1/2004 م حيث تتلخص وقائع الدعوى بأن النيابة العامة أتهمت الطاعن بإساءة استعمال وظيفته ، وبإرغام الغير على إعطائه قطعة ذهبية لا حق له فيها ، وقد أحيل الطاعن إلى محكمة الجنايات التي أصدرت حكمها بعدم جواز رفع الدعوى لعدم الحصول على إذن بمحاكمة الطاعن من أمين اللجنة الشعبية العامة للعدل والأمن العام وقد أوقف الطاعن عن العمل بعد صدور ذلك الحكم وتمت إحالته إلى المجلس التأديبي لمحاكمته تأديبية، وهو الذي أصدر قرار بعزله من وظيفته (*). طعن في القرار ألا أن المحكمة العليا أصدرت حكمها والذي جاء في مدونته ( بأنه بالرجوع إلى محضر التحقيقات للقرار المطعون فيه نجد قد محص الوقائع بشكل جيد أن واجه الطاعن بالتهمة المنسوبة إليه ، كما أن المجني عليه تعرف على الطاعن أثناء التحقيق معه وقد أتهمه بالاستيلاء على قطعة الذهب ، وأن المجني عليه لا يستطيع اثبات ذلك بشهادة الشهود لنكران الطاعن عن حصول الواقعة؛ ولأن التفتيش يتم عادة دون حضور الشهود ولم يوجد لدى المجني عليه ما يؤدي إلى سوء السلوك بحيث يتهم الطاعن بما هو منسوب إليه ، مما أدى بمجلس التأديب إلى اقتناعه بأن التهمة لم تنطلق من فراغ بل لها أساس ثابت بالأوراق مما يجعل الحكم الجنائي الذي يحتج به الطاعن في غير محله).(5)

أما البراءة لتخلف الدليل فإن المجلس التأديبي للمخالفات المالية بنغازي في الدعوى التأديبية رقم ( 319 / 2002 م ) رقابة ( 52 / 2007 م) بجلسة 7/4/2008 م والذي قرر إدانة المتهمين رغم تحصل المتهمين على حكم بالبراءة من محكمة شمال بنغازي الجزئية بتاريخ 24/7/2007  م لعدم ثبوت الجريمة بأي دليل حيث طعنت الرقابة في حكم البراءة ثم تأييد الحكم في محكمة شمال بنغازي الابتدائية بتاريخ31/12/2007 م إلا أن ذلك لم يمنع المجلس التأديبي من إصدار قرار بمعاقبتهم (6)

هـ . حكم البراءة المؤسس على شيوع التهمة :

إذا كان شيوع التهمة سببا للبراءة من العقوبة الجنائية ، فإن ذلك لا ينهض على الدوام مانعة من المؤاخذة التأديبية ، ولا سيما إذا أمكن إسناد فعل إيجابي، أو سلبي محدد إلى الموظف يعد مساهمة منه في وقوع المخالفة التأديبية ، التي سوغت ارتكاب الواقعة الجنائية المجهول فاعلها ، وبالتالي فإن السلطة التأديبية لا تتقيد به. و. حكم البراءة المؤسس على عدم كفاية الأدلة أو الشك :  

في النظام التأديبي المصري :

 في الفقه :

أغلب الفقه المصري يرى أن البراءة المبنية على عدم كفاية الأدلة، أو الشك لا تمنع حتما من المساءلة التأديبية ، وبذلك يقول الدكتور صلاح العطيفي (أنه لا يرى في ما أورده الحكم المذكور إهدار لحجية الحكم الجنائي بإعتبار أن الحكم الجنائي قد قضى بالبراءة ، وليس على أساس انتفاء التهمة ، بل على أساس الشك الذي ساور المحكمة في نسبته إلى المتهم بحيث لا يمنع المحكمة التأديبية البحث في مدى ثبوت التهمة قبل المتهم؛ لأن البراءة المؤسسة على الشك براءة هزيلة لا تقوى على الوقوف جنبا إلى جنب مع البراءة القاطعة بنفي التهمة عن المتهم ، و مادامت المحكمة الجنائية لم تقطع بانتفاء التهمة فلا تثريب على المحكمة التأديبية إن هي سلكت من الوسائل ما قد يصل بها إلى أن التهمة ثابتة في حق مرتكبها لتحاسبه على هذا الأساس ).(7)  

في القضاء :  

وبذلك جاء في الطعن ( رقم 1303  لسنة 39 ق جلسة 4/9/1997 م بأن ( إذا كان الحكم الجنائي الصادر بالبراءة قد تأسس على عدم كفاية الأدلة، أو الشك فيها، فإنه حينئذ لا يرفع الشبهة نهائية عن الموظف ، ولا يحول دون محاكمته تأديبية وإدانة سلوكه الإداري من أجل التهمة عينها على الرغم من حكم البراءة ).

وقد أعتبر القضاء أنه بمجرد أن يضع الموظف نفسه موضع شك وريبة يترتب عليه معاقبته تأديبية، وبذلك قضى في الطعن ( رقم 1409 لسنة 26 ق . جلسة 30/11/1986 م) بأن " الحكم ببراءة المدعي مما أسند إليه بناء على أن الواقعة مشكوكا فيها ، ومن ثم فهذا لا يرفع الشبهة عنه نهائيا، ولا يحول دون إدانة سلوكه الإداري بحسبان أن المدعي قد وضع نفسه موضع الشبهات والريبة ، وشاع أمره بين الخاصة والعامة ، مما أفقده الثقة بين زملائه، وأخل بهيبته أمام طلابه ، مما يعد إخلالا خطيرة بواجبات وظيفته وكرامتها ، مما ينهض منطقية لتدخل الإدارة بقصد إحداث الأثر القانوني في حقه ، وخاصة أن الأمر يتعلق في المجال الإداري لا بالقصاص منه ، بل بالاطمئنان إلى وجوده في وظيفته وقيامه بأعبائها على وجه يحقق الصالح العام ، فإذا انعدم هذا الاطمئنان أو تزعزع ، فللإدارة أن تقصي من لا تثق في صلاحيته لوظيفة بعينها ، ومن ثم فلا أثر لحكم البراءة الصادر لصالح المدعي على صحة القرار الصادر بنقله إلى وظيفة عامة ويكون الحكم المطعون فيه قد أنتهى إلى ذات النتيجة قد أعمل حكم القانون .

في النظام التأديبي الفرنسي:

يرى الفقيه (دي لوبادير ) أن السلطة التأديبية لا تتقيد بالحكم الجنائي المؤسس على الشك (8).

وكذلك مجلس الدولة الفرنسي يرى عدم حجية الحكم الجنائي بالبراءة المؤسس على الشك في الاتهام أمام سلطات التأديب ، وبذلك كتب مفوض

الدولة (Laurent) في تقريره: ( إن تأسيس القاضي الجنائي حكمه بالبراءة على أساس الشك ، لا يتساوى في آثاره مع الحكم بالبراءة المؤسس على تقرير الانعدام المادي للواقعة ، وبالتالي لا تكون له من الناحية النظرية حجية أمام القضاء المدني، وسبب ذلك أن الإجراءات الجنائية تحكمها كلها أوضاع خاصة من حيث الإثبات على نحو يمنع القاضي من الحكم بالإدانة مالم يقدم إليه الإثبات القاطع، وعند الشك يكون ملزمة بالبراءة ، وهو عندما يفعل ذلك إنما يقرر في الحقيقة أن دليل ارتكاب الفعل لم يقدم إليه طبقا لقواعد الإجراءات الجنائية ، ولذلك فإنه ليست هناك استحالة من حيث المبدأ في أن يعاود قضاء غير جنائي لا يخضع لنفس الإجراءات الجنائية، وقواعد الإثبات البحث في الموضوع ومن المحتمل أن يحصل على دليل على الوجود المادي لنفس الواقعة ، مستخلصة بوسائله القانونية الخاصة، وهو عندما يفعل ذلك فإنه لا ينكر الاحترام الواجب لحجية الشيء المقضي فيه ) .

في النظام التأديبي الليبي :

للمحكمة الجنائية أن تقضي ببراءة المتهم إذا ما شكت في ثبوت التهمة وبذلك قالت محكمتنا العليا بجلسة 14/1/1995  م بأنه : ( ولئن كان من حق محكمة الموضوع القضاء ببراءة المتهم إذا ما شكت في ثبوت التهمة المنسوبة إليه، إلا أنه يتعين عليها في هذه الحالة هذه أن تبرر تشككها بما يحمل قضاءها، ولا يكفي مجرد القول إنها تشك في ثبوت التهمة دون إيراد تبرير لهذا الشك ، واذا كان الحكم المطعون فيه قد أورد عند قضائه ببراءة المتهم قول وحيث أنه بالاضطلاع على كافة مستندات الدعوى لم تلاحظ المحكمة ما يدين المتهم سوى ما جاء على لسان المجني عليه، وزميله الشرطي الوارد ذكره في الأوراق ، لذا نرى أن ما أسند للمتهم محل شك، وأن الشك لا يرقى لمستوى اليقين لذا رأت إلغاء الحكم وبراءة المتهم مما نسب

8- Andre de laubader , op. cit., p. 314 idisciplinaire mest pas lice par les decision penales pronancant lacquittement au benfce du doute  مشار إليه في رسالة د. وحيد محمود ابراهيم ، ص 590 .

إليه ، وكان هذا الذي أورده الحكم المطعون فيه لا يرقى لطرح شهادة المجني عليه وزميله، ومن ثم يكون الحكم قاصر التسبيب متعين النقض ). (9)

 في الفقه :

يرى الدكتور خليفة سالم الجهمي بأنه وإن كان الفقه يرى عدم تقيد السلطة التأديبية بالحكم الجنائي المبني على الشك إلا أنه يرى عكس ذلك بأن ( ينبغي التسليم بحجية الحكم الجنائي الصادر بالبراءة تأسيسا على الشك، أو عدم كفاية الدليل، في مجال لتأديب ، على أن ذلك لا يمنع من مساءلة الموظف عن وضع نفسه موضع لشبهات بما ينعكس على مركزه الوظيفي باعتباره مسلكة يشكل جريمة تأديبية أخرى، تختلف عن تلك التي أبرأه الحكم الجنائي منها لعدم كفاية الدليل أو للشك، ويجب أن يتوفر لدى سلطة التأديب الدليل القاطع على أن الموظف وضع نفسه موضع الشبهات إذ أن الإدانة أيا كانت يجب أن تقوم على اليقين في خصوص ثبوت الجريمة ) .(10)

في القضاء التأديبي : جاء في قرار للمجلس التأديبي للمخالفات المالية الصادر بتاريخ 18/1/1971م في الدعوى التأديبية رقم ( 8 / 1 ) بأنه ( يلزم في الإدانة الجنائية أن تقوم لدى المحكمة أدلة قاطعة على ثبوت الجريمة إذ المبدأ المعمول به في هذا المجال هو أن الشك يفسر لصالح المتهم ، أما الجزاء التأديبي فيكفي لتوقيعه أن تكون ثمة قرائن، أو دلائل تكفي للقول بأن الموظف سلك سلوكا معيبة لا يتفق مع كرامة الوظيفة، أو أنه وضع نفسه موضع الشبهة والريبة ).(11) إلا أن المجلس التأديبي قد عدل عن ذلك في قراره الصادر بتاريخ 11/10/1973 م في الدعوى التأديبية رقم ( 1 / 5 ق ) وذلك بأن قرر ( أن عدم ثبوت المخالفة إذا

كانت الواقعة قائمة على شبهة مشكوكة، فإن الشك يفسر لصالح المتهم وفقا للقواعد العامة ) .(12) إلا أن المجلس التأديبي لا يتقيد بالبراءة للشك أو لعدم توافر الدليل، وفي حال ما يكون الدليل أمامه قاطعة وبالتالي لا يتقيد بالبراءة الجنائية، وليس له أن يدين المتهم دون توافر الدليل ، وبذلك جاء في قرار المجلس التأديبي للمخالفات المالية بنغازي في الدعوى التأديبية رقم ( 3/2007 م) رقابة (286 / 1999م ) بجلسة 2/6/2008  م بأنه ( فقد توافر الدليل في حقهم بسلوكه المسلك يتنافى وواجبات الوظيفة وترتب على الإخلال بواجباتهم الوظيفية ضياع الأموال العامة ولا يقيد المجلس التأديبي الحكم الجنائي المقدم من المتهم الأول لبناء براءة المتهم بالشك في الدليل كون الحجية المقررة، والتزام المجلس بها تتحد في ثبوت أو نفي الواقعة موضوع الاتهام وصحة أو فساد أسناده للمتهم ، وحيث أن الاتهام ثابت في حق المتهم وصح إسناده إليه كون الشك في الدليل الذي تقرر في القضاء الجنائي لا يمنع المجلس من مساءلة المتهم الأول عن مسلكه بأنه من المخالفات المالية وبذلك قرر المجلس إدانة المتهمين ومعاقبتهم) . (13) أما بالنسبة للبراءة لعدم ثبوت الأدلة فإن المجلس التأديبي للمخالفات المالية بنغازي في الدعوى التأديبية رقم ( 64/2007  م) رقابة ( 759/74)  بجلسة 7/4/2008  م قرر إدانة المتهمين رغم تحصلهم على أحكام قضائية في الدرجتين بالبراءة لعدم ثبوت الأدلة حيث جاء في حيثيات القرار بأنهم قدموا إلى المحكمة الجنائية بتهمة إساءة استعمال سلطات الوظيفة لنفع الغير عن ذات الفعل وتحصلوا على أحكام قضائية في الدرجتين بالبراءة غير أنه يوجد ما يشوب هذه الإجراءات من بعض القصور الإداري، ونقص في التقدير في جانب وبأن الأجدر أن يكلف موظفو القطاع بهذه الأعمال وفي أضيق نطاق ...... وحيث ولهذه الأسباب قرر المجلس إدانة المتهمين عما نسب إليهم ). (14)

أسباب عدم التقيد بالحكم الجنائي المؤسس على عدم كفاية الأدلة أو الشك فيها: - إن البراءة المؤسسة على عدم كفاية الأدلة أو الشك فيها ، تحتمل أن يظفر بدليل ضده ، وأن عدم استطاعة المحكمة الجنائية إثبات الخطأ لا يجزم بعدم وقوعه ، كما أن الخطة التأديبي مغاير للخطأ الجنائي . . كذلك لا تنفي وجود شبهات تحيط بالموظف ، والتي يمكن أن تكون محلا لجريمة تأديبية . . إن عدم إلزام سلطة التأديب بالضوابط التي يلزم بها القاضي الجنائي في استخلاص الدليل، والنتائج المترتبة على هذا المسلك، والتي تتمثل في عدم جواز الحكم بالإدانة ، إلا إذا كان اقتناع القاضي يقينية على وجه الجزم ، أما في حالة البراءة فيكفي الشك ، في حين أن قواعد القضاء التأديبي لا تخضع لنفس قواعد الإثبات ومن المحتمل أن تحصل على دليل إدانة كما أن قاعدة الشك يفسر لمص تطبق في النظام التأديبي ، ومن ثم يصبح الشك كأساس لتوقيع العقوبة التأديبية ، بحيث يتم البحث في سلوك الموظف ومدى إخلاله بواجبات وظيفته والخروج على مقتضياتها ، والمساس بكرامتها ، لأن الموظف يلتزم بسلك سلوك لا يفقده الثقة والاعتبار التي تتطلبها الوظيفة وأن يبعد نفسه عن مواطن الشبهات والريبة . وبالتالي فإن البراءة الجنائية سواء لعدم الكفاية أو للشك في نسبة الاتهام إلى الموظف، أو شيوع التهمة بينه وبين آخرين، أو وقوع بطلان في الإجراءات حيث مازال الفقه والقضاء التأديبي لا يسلم بحجيته أمامه رغم أنه يعتنق هذه الأسباب في إصداره للأحكام أو القرارات التأديبية ، ويقضي بالبراءة في الدعوى إذا شاب إجراءاتها أو إجراءات التحقيق فيها بطلان ، ويرى البعض في ذلك إهدارا لحجية الحكم . إلا أنني لا أتفق مع هذا الرأي لأن البراءة الجنائية بسبب الشك لا يوجد به إهدار للحجية؛ لأن الحكم الجنائي لم ينف أو يثبت وقوع الفعل ، وإنما قضى بالبراءة على أساس الشك ، وبالتالي فإنه لا يقيد ولا يمنع البحث في مدى ثبوت التهمة قبل الموظف .

_____________

1- طعن جنائي رقم 223 / 27 ق . م . م . ع السنة السابعة عشر، العدد الثالث ، 1981م.

2- التعليق على حكم مجلس الدولة في قضية masson , Louraddour 14-5-1948 سيري 1949.

3- قرار غير منشور .

4-  قرار غير منشور

(*) المجلس التأديبي العادي بمصلحة الجمارك

5- مجموعة أحكام المحكمة العليا ، القضاء الإداري ، 2004م، الطبعة الأولى ، دار الكتب الوطنية ، بنغازي ، 2008م

6- قرار غير منشور

7-د. صلاح العطيفي ، المخالفة التأديبية ورقابة الجهاز المركزي للمحاسبات ، حقوق القاهرة ، 1977م، رسالة دكتوراه، غير منشورة

9- طعن جنائي رقم ( 329/40 ق) م.م.ع السنة الثلاثون ، العدد الرابع ، 208.

10 -  د. خليفة الجهمي ، المسؤولية التأديبية للموظف العام عن  المخالفات المالية في القانون الليبي ( رسالة ماجستير ، جامعة قاريونس ) منشورات جامعة قاريونس ، الطبعة الاولى ، 1997 م  ، ص 171.  

11-  مجموعة قرارات المجلس التأديبي ، للمخالفات المالية في القضايا المحال اليه من جهاز الرقابة الادارية ، اعداد الاستاذ مراد  ، منشورات جهاز الرقابة الادارية 1977 ص 29.

12- مجموعة قرارات المجلس التأديبي ، مرجع سابق ، ص 137

13-  قرار غير منشور .

14-  قرار غير منشور .

 

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .






بالفيديوغراف: ممثل المرجعية الدينية العليا والامين العام للعتبة الحسينية يتفقدان مشروع مطار كربلاء الدولي
بالصور: سنابل تفيض بالخير في مزارع العتبة الحسينية (عمليات حصاد الحنطة)
تضمنت الجولة توجيهات متعلقة براحة المسافرين.. ممثل المرجعية العليا والامين العام للعتبة الحسينية يطلعان ميدانيا على سير العمل في مطار كربلاء الدولي
بالفيديو: مركز لعلاج العقم تابع للعتبة الحسينية يعلن عن أجراء (117) عملية تلقيح اصطناعي خلال الربع الاول من العام الحالي