x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية والجنسية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : التنمية البشرية :

مقومات الشخصية القوية / كن وقوراً، واهتم بمظهرك

المؤلف:  هادي المدرسي

المصدر:  كيف تكسب قوة الشخصية؟

الجزء والصفحة:  ص69ــ74

2024-05-13

253

الوقار حالة يلتزم بها المرء في قوله وعمله، وحركته، ويتجنب بها الطيش، والتصرفات غير اللائقة.

ولقد وجدت أن الوقار يفرض نفسه على محيطه، فلو أن رجلاً وقوراً دخل مجلساً، فإن وقاره يسري في الحاضرين فيصبح المجلس كله وقوراً.

وهكذا فإن الوقور يفرض احترامه على الناس إذ لا يحبذ أحد أن يهين من يلتزم السكينة والرزانة في قوله وعمله..

وقد تسأل وما هو الوقار؟

والجواب: إننا نستطيع أن نعرفه من خلال ما هو ضده، وهو الطيش، والسفه، والخرق، والحمق وكل أنواع التصرفات التي لا تليق بصاحبها أو بموقعه أو بالمجلس الذي هو فيه..

يقول الله تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا} [الفرقان: 63].

فمشية الوقور هي ليست مشية كبر، ولا مشية طيش، بل هي مشيئة الاحترام.

وصوت الوقور أيضاً مختلف فهو ليس بالصراخ، ولا هو بالهمس، بل هو بالهادئ الرزين.

يقول تعالى: {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} [لقمان: 19].

ويقول الحديث الشريف: (جمال الرجل الوقار)(1).

ويقول: (لتكن شيمتك الوقار، فمن كثر خرقه استرذل)(2).

وحقاً فإن (الوقار نور وزينة)(3)، وهو (برهان النبل)(4).

ترى لو أنك التقيت برجل في السوق أو في المسجد، أو في أي مكان يتجمع فيه الناس، ورأيته وقوراً رزيناً، ألا تعتقد أنه أحد الأشراف والنبلاء، أو أهل العلم والفضيلة، أو أنه ينتسب إلى أحد الزعماء، أو العوائل الكريمة؟

ثم عندما يقال: إن فلاناً مهيوب فأي شيء يقصدون بذلك؟ وما هو سبب الهيبة فيه؟ أليس هو الوقار؟

يقول الإمام علي (عليه السلام): (بالوقار تكثر الهيبة)(5).

لقد جاء رجل إلى أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) وسأله: (أي الخصال بالمرء أجمل؟).

فقال (عليه السلام): (وقار بلا مهابة، وسماح بلا طلب، ومكافأة وتشاغل بغير متاع الدنيا)(6).

إن الوقار هو السكينة التي يتصف بها الزعماء الحقيقيون في الأزمات حيث لا يهتزون ولا يتزلزلون وهي من صفات المؤمنين حقاً، حيث جاء في الحديث الشريف: (إن المتقي في الزلازل وقور، وفي المكاره صبور، وفي الرخاء شكور)(7).

ومن الوقار يأتي اختيار الكلام الرزين، وأداء العمل باتقان.

يقول الإمام علي (عليه السلام): (المرء يوزن بقوله، ويُقوم بفعله، فقل ما ترجح زنته، وافعل ما تجلّ قيمته)(8).

ومن الوقار أيضاً الاعتناء بالمظهر كاللباس، والالتزام بالنظافة واستخدام العطر، وما شابه ذلك.

صحيح أن «المظهر» ليس أهم من (المخبر) إلا أن مخبراً بلا مظهر يعني إخفاء ما يجب إظهاره كما ان مظهراً بلا مخبر يعني إظهار ما يجب إخفائه.

إن مقداراً معتدلاً من الاعتناء باللباس وكل ما يرتبط بالمظهر ضروري على كل حال..

يقول الحديث الشريف: (إن الله جميل يحب الجمال)(9) ومن الجمال الاعتناء بكل ما يزيد جمال الإنسان أو يزينه .. لأن (الله يحب أن يرى أثر النعمة على عبده)(10).

لقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يعتني بمظهره، وهو سيد الأنبياء والرسل، ولا يكتفي بما حباه الله تعالى من عظمة في روحه وجمال في بدنه. ويُروى في هذا المجال أن رجلاً جاءه زائراً وقبل أن يخرج إليه، مشط النبي شعره، ولما لم يجد المرآة نظر إلى إناء فيه ماء، واستخدمه كمرآة له، فقالت له عائشة: («لِمَ تمشط يا رسول الله؟ وتعتني بنفسك هكذا؟).

فقال النبي (صلى الله عليه وآله): (إن الله يحب إذا خرج عبده المؤمن إلى أخيه أن يتهيأ له وأن يتجمل)(11).

ونقرأ في الدعاء: (اللهم إني أسألك الزين، والزينة)(12).

إن الزينة مطلوبة حتى للوقوف بين يدي الله عزّ وجل الذي ينظر إلى قلوب عباده، وتناله التقوى منهم.. وليس إلى أجسامهم، وملابسهم. يقول {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31].

وكان الإمام الحسن بن علي (عليه السلام) إذا قام إلى الصلاة لبس أجود ثيابه، فقيل له : يا بن رسول الله تلبس أجود ثيابك؟

فقال (عليه السلام): (إن الله جميل يحب الجمال، فأتجمّل لربّي وهو يقول: خذوا زينتكم عند كل مسجد)(13).

ألم يوحي الله تعالى إلى نبيه قائلاً : {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر: 1 - 5].

إن طهارة البدن ونظافته تنمان عن طهارة الروح ونظافتها، أليست (النظافة من الإيمان) وفي الحديث (إن الله طيب يحب الطيب، ونظيف يحب النظافة)(14).

وفي آخر: (إن رسول الله رأى رجلاً شعثاً قد تفرق شعره، فقال: أما كان يجد هذا ما يسكن به شعره؟).

ورأى رجلاً آخر وعليه ثياب وسخة فقال (صلى الله عليه وآله): (أما كان هذا يجد ماء يغسل به ثوبه)(15).

إن نقيض النظافة ليس إلا الوساخة التي نهينا عنها نهياً قاطعاً. وقد جاء في الحديث الشريف تنظفوا بالماء من النتن الذي يُتأذى به، وتعهدوا أنفسكم فإن الله عزّ وجل يبغض من عباده القاذورة الذي يتأنف به من جلس إليه)(16).

وفي آخر: (هلك المتقذرون)(17).

أما فيما يرتبط باللباس فإن الاهتمام به بمقدار الاعتدال أمر ضروري للسلامة، وللتزين معاً. يقول الله تعالى: {يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا} [الأعراف: 26].

ويقول: {وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا} [فاطر: 12].

والمطلوب هو أن نلبس في كل زمان ما يناسبه. فقد ورد في الحديث أن الإمام الصادق (عليه السلام) قال لأحد أصحابه وهو عبيد الله بن زياد: (إظهار النعمة أحب إلى الله من صيانتها، فإياك أن تزين إلا في أحسن زي قومك) فما رؤي الرجل هذا إلا في أحسن زي قومه حتى مات)(18).

وفي حديث آخر عن حماد بن عثمان قال: كنت حاضراً عند عبد الله الصادق (عليه السلام) إذ قال له رجل: (أصلحك الله ذكرت أن علي بن أبي طالب (عليه السلام) كان يلبس الخشن، فيلبس القميص بأربعة دراهم وما أشبه ذلك ونرى عليك اللباس الجيد؟

فقال الصادق (عليه السلام): (إن علي بن أبي طالب (عليه السلام) كان يلبس ذلك في زمان لا ينكر ولو لبس مثل ذلك اليوم لشهّر به، فخير لباس کل زمان لباس أهله)(19).

وفي الحقيقة فإن تأثير الملابس اللائقة لا يقتصر على الناس فحسب بل يشمل تأثيرها على النفس أيضاً.. فلقد أرسل أحد الباحثين ذات مرة سؤالاً إلى مجموعة كبيرة من الناس فيهم علماء نفسانيون، ورؤساء جامعات ورجال أعمال يتساءل عن التأثير الذي تتركه الملابس في أنفسهم، فأجمع كل الأفراد أنهم يشعرون بثقة أكبر بأنفسهم عندما يكونون في مظهر لائق، وقالوا: إن تقديرهم للذات يزداد حسب أناقة ما يلبسون.

وإذا كانت الملابس اللائقة والمظهر المرتب، والطهارة والأناقة المعتدلة تترك مثل هذا التأثير على النفس، فإن تأثير ذلك على الناس أكثر ولا شك.

ألا ترى أن العكس بالعكس؟

فإذا رأيت شخصاً متسخاً، يلبس ثياباً رثة، ويمشي حافي القدمين، وتفوح منه رائحة نتنة، فإنك ولا شك تفترضه مجنوناً، أو تافهاً، لا يستحق النظر إليه أو الاستماع منه؟

إن الإنسان يكنُّ المزيد من الاحترام ويمنح المزيد من الثقة والتقدير للأشياء الأنيقة، بينما يفعل العكس للأشياء التي تكون مبتذلة أو بشعة..

إن صالات العرض لدى مختلف أصحاب البضاعات عادة ما تكون جميلة ونظيفة ومرتبة تسرّ النظر، فمثلاً معارض العطور والمجوهرات، والسيارات مجهزة بشكل فني ورائع لماذا؟

لأن الأناقة تكسب ثقة الناس، والمظهر له قسط كبير من التأثير، والكثيرون عقولهم في عيونهم.

_____________________________

(1) غرر الحكم ودرر الكلم.

(2) المصدر نفسه.

(3) المصدر نفسه.

(4) المصدر نفسه.

(5) غرر الحكم ودرر الكلم.

(6) البحار، ج71، ص 327.

(7) نهج البلاغة، باب الخطب، ص193.

(8) غرر الحكم ودرر الكلم.

(9) الكافي، ج 6، ص 438.

(10) المصدر نفسه.

(11) مكارم الأخلاق، ص 51.

(12) المصدر نفسه، ص26.

(13) تفسير البرهان، ص 351.

(14) ميزان الحكمة، ج 10، ص 92.

(15) المصدر نفسه.

(16) الخصال، ص620.

(17) الكافي، ج 6، ص439.

(18) الوسائل، ج 3، ص 432.

(19) الكافي، ج 6، ص 444.