x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية والجنسية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : معلومات عامة :

كيف يولد الشعب المتحضر؟

المؤلف:  السيد الدكتور سعد شريف البخاتي

المصدر:  الثقافة العقليَّة ودورها في نهضة الشعوب

الجزء والصفحة:  ص 53 ــ 56

2024-05-11

276

تتسابق الأمم نحو التقدم، فكل أمة تريد أن تحظى بقصب السبق في هذا المجال؛ لتكون صاحبة حضارة متميزة، فيبذل المفكرون والعلماء من ذوي الاهتمام بهذه الأمور كل ما بوسعهم؛ ليوصلوا أمتهم إلى مقام حضاري يناسب طموحاتهم.

وقد كتب وعمل الكثير في ذلك تحت عناوين مختلفة، فمنهم من يريد أن يبدأ من السياسة ومنهم من بدأ بالدين، وآخر بالتعليم، وهكذا كل يسير بحسب ما يشخصه في حل الأزمة الحضارية التي تعاني منها أمته.

فجمال الدين الأفغاني، يرى أن أساس المشكلة هو التشرذم السياسي، الذي تأطرت به أمتنا الإسلامية والعربية (1)، لأسباب مدروسة ومخطط لها من قبل المنتفعين من خارج الدائرة الإسلامية وداخلها.

ولذا سخر كل قواه وطاقاته في سبيل ردم هذه الهوة، فأخذ على عاتقه الدعوة إلى الإصلاح السياسي أولاً، وتوحيد الصفوف بين فئات المجتمع المسلم بكل مكوناته وأطيافه، كما كان يعتقد بلزوم تسلح أبناء المجتمع بالعلوم الحديثة وتسخيرها في بناء المجتمع.

وقد يشترك إلى حد ما في هذه النقطة معه السيد الخميني، حيث يرى أن تخليص الأمة سياسياً من الأيادي غير الأمينة كفيل بوضعه على طريق التقدم.

وقد نجد بعض الفروق بين حركة هذين المصلحين العظيمين، من جهة إصرار الخميني على البناء الفردي للإنسان، وزرع روح التقوى بين أبناء المجتمع، بما له من أثر كبير - بحسب نظره - في سير المجتمع وتقدمه، وتحقيق الهدف الأساس في خلاصه من التبعية لغير الله تعالى؛ لأن التقوى تجعل الفرد يشعر بالرقابة الغيبية؛ فيندفع من ذاته في القيام بمسؤوليته.

كما نجد نظرة أخرى قد تختلف عن نظرة السيد الأفغاني من جهة، وهي نظرة الشيخ محمد عبده، الذي يرى أن مشكلة الأمة تكمن في ابتعادها عن روح الدين ومفاهيمه، فلا بد لمن أراد إصلاح المجتمع الشروع بالإصلاح الديني من خلال إصلاح عقائده وإرجاعه بالوعظ إلى أخلاقيات القرآن الكريم ونبيه (2).

بينما يرى مالك بن نبي أن ما يراه الأفغاني وتلميذه محمد عبده ليس هو المشكلة، بل هو أعراض المشكلة، فتشخيصهما يشابه ـ بحسب نظره - من أصيب بمرض السل الجرثوي، فبانت عليه الحمى، فقام الطبيب بمعالجة الحمى التي هي من أعراض المرض، وليست هي المرض الأساس (3).

فالمشكلة من وجهة نظر ابن نبي، ليست السياسة ولا ضعف الواعز الديني، وإنما هما من أعراض المشكلة الأساس، والتي هي الحضارة.

ومراده أن مقومات الحضارة الثلاث - كما يرى ابن نبي - لما ضيعت وهدرت تسبب عنها أزمة سياسية وأزمة اقتصادية ودينية وغيرها.

ومراده من المقومات الثلاث للحضارة هي: الإنسان، والتراب، والزمن. فلو حرصنا على الاستفادة من هذه الثلاث بشكل صحيح تشكلت الحضارة من جديد وعادت الأمة إلى مكانها الطبيعي في أول الركب.

وفي هذا المجال يرى أبو نصر الفارابي أن الأمة الكاملة (المتحضرة)، هي الأمة التي يشترك جميع أبنائها ويتعاونون لنيل السعادة وتحقيق الرفاهية في مختلف الأصعدة المعنوية والمادية، وهذا يتطلب وجود رئيس متكامل في قواه العقلية النظرية والعملية؛ ليتمكن من تسيير الأمة نحو خيرها وسعادتها.

ونظرة الفارابي هذه تشابه إلى حد كبير ما يذهب إليه ابن نبي حين يقول: لسنا بحاجة إلى طاقات فكرية وسواعد عمل، فإنها موجودة بكثرة تهدر مع وقتنا المهدور، لكنا بحاجة ماسة إلى من يدير هذه العقول والسواعد في أحسن ظروفه الزمنية والإنتاجية المناسبة لكل عضو من أعضائه. وهذا ما يسمى بفكرة التوجيه، والذي يحصل أو يمكن تحصيله بدفعة دينية (4) ويؤكد ابن نبي في كثير من كتبه على مشكلة الثقافة وأهمية علاجها.

ولكن يبقى السؤال - مع جميع هذه النظرات المطروحة - ما هو الحل الجذري؟

وبعبارة أخرى: ما هي المشكلة الأساس؟ وما هو حلها؟

ونعود لنذكر بما تقدم منا، من أن الفعل الإنساني هو الذي يصنع الخير والشر، ويبني المجد أو يهدمه. وهذا الفعل أساسه الثقافة والمعرفة التي يحملها الإنسان في داخله، فهي المحرك الأساس، فمن أراد الإصلاح فعليه بالبدء بإصلاح المحرك الأساس وهو الثقافة، وبنائها بشكل صحيح.

ولا يمكن أن تحصل لنا ثقافة صحيحة نقية من ظلمات الجهل ورواسب الخرافات، ما لم نصلح - أولاً - طريقة تفكيرنا.

كل ثقافة ومعرفة إنما تنشأ في فكر الشخص بواسطة طبيعـة تفكيره، ولولا التفكير ما حصل له من الفكر شيء، فلنعرف كيف يعمل الفكر، وكيف يحصل على معارفه وثقافته؟

فالعقل الذي هو أساس الخير، كما يقول النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله): (إنَّما يدرك الخير كله بالعقل)، لا بد من احترامه ومعرفة طبيعة عمله وتقنينها بصورة صحيحة، لكي ينتج لنا الخير، والخير فقط.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ انظر: الحركة الإسلامية في القرن الأخير، الشهيد مطهري، ص 21 وص 39. شروط النهضة، مالك بن نبي، ص 41. 

2ـ الحركات الإسلامية في القرن الأخير، الشهيد مطهري، ص 49 ـ 54. شروط النهضة، مالك بن نبي، ص 41.

3ـ انظر: شروط النهضة، مالك بن نبي، ص 41. 

4ـ المصدر السابق، ص 78.